هذه المحامل والمسألة محل تردد، والقول بعدم الهدم لا يخلو من قوة، إلا أن المشهور خلافه، ومن ثم اقتصر المصنف على جعل رواية الهدم أشهر مؤذنا بتوقفه فيه وهو في محله، انتهى.
وقال جده في المسالك بعد ذكر جملة من أدله هذا القول: ولا يخفى عليك قوة دليل هذا الجانب لضعف مقابله، إلا أن عمل الأصحاب عليه، فلا سبيل إلى الخروج عنه - ثم نقل محامل الشيخ الثلاثة الأول، وقال عقيبها: - وما أشبه هذا الحمل بأصل الحجة.
أقول: لا يخفى عليك ما في التمسك بعمل الأصحاب في مقابلة هذه الأخبار الصحاح الصراح المستفيضة من المجازفة، فإنه لا ريب أن المأخوذ على الفقيه في الفتوى بالأحكام الشرعية إنما هو الأخذ بما أنزل الله سبحانه مما ورد في الكتاب العزيز والسنة المطهرة. ولا سيما الخبر المستفيض من الخاصة والعامة عنه صلى الله عليه وآله (1) " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما " لا ما ذكره غيره من العلماء وإن ادعوا الاجماع عليه.
وبذلك اعترف هو نفسه - رحمة الله عليه - في مسألة ما لو أوصى له بأبيه فقبل الوصية من كتاب الوصايا، وقد قدمنا كلامه في كتاب الوصايا إلا أنه لا بأس بنقل ملخصه هنا.
قال: رحمة الله عليه -: ولا يقدح دعواه الاجماع في فتوى العلامة بخلافه، لأن الحق أن إجماع أصحابنا إنما يكون حجة مع تحقق دخول قول المعصومين (عليهم السلام) في جملة قولهم - إلى أن قال: - وبهذا يظهر جواز مخالفة الفقيه المتأخر لغيره من المتقدمين في كثير من المسائل التي ادعوا فيها الاجماع إذا قام عنده الدليل