الحدائق الناضرة - المحقق البحراني - ج ٢٥ - الصفحة ٢٣٨
نكحته نكاحا جديدا، وإن شاءت لم تفعل " وصدر الخبر إنما خرج مخرج التقية، كما هو مذهب العامة، وعلى ذلك حمله الشيخ وغيره، ويدل عليه ما رواه الشيخ (1) عن أبي أيوب الخزاز عن أبي عبد الله (عليه السلام) " قال: كنت عنده فجاء رجل فسأله عن رجل عليه السلام طلق امرأته ثلاثا، قال: بانت منه. قال: فذهب ثم جاء رجل آخر من أصحابنا فقال: رجل طلق امرأته ثلاثا، فقال: تطليقة. وجاء آخر فقال: رجل طلق امرأته ثلاثا، فقال: ليس بشئ. ثم نظر إلي فقال: هو ما ترى، قال:
قلت: كيف هذا؟ قال: هذا يرى أن من طلق امرأته ثلاثا حرمت عليه، وأنا أرى أن من طلق امرأته ثلاثا على السنة فقد بانت منه، ورجل طلق امرأته ثلاثا وهي على طهر فإنما هي واحدة، ورجل طلق امرأته ثلاثا على غير طهر فليس بشئ " (2).
أقول: في هذا الخبر دلالة على أنهم (عليهم السلام) كثيرا ما يجيبون باعتبار علمهم بالحال، والأول كان من المخالفين وأجابه (عليه السلام) بما يوافق معتقده ظاهرا من حصول البينونة بمجرد الثلاث، ولكنه (عليه السلام) أراد مع وقوعه على السنة كما أوضحه.
والثاني حيث كان من أصحابنا أجابه بما أجاب به أصحابه (عليه السلام) في هذه الأخبار حيث

(١) التهذيب ج ٨ ص ٥٤ ح 95، الوسائل ج 15 ص 315 ب 29 ح 16.
(2) أقول: ومن هذا القبيل ما رواه في التهذيب [ج 8 ص 92 ح 232] في الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن عليه السلام " قال: سأله رجل وأنا حاضر عن رجل طلق امرأته ثلاثا في مجلس واحد، فقال له أبو الحسن عليه السلام: من طلق امرأته ثلاثا للسنة فقد بانت عنه، قال: ثم التفت إلى فقال: يا فلان لا تحسن أن تقول مثل هذا ".
أقول: الظاهر أن السائل كان مخالفا فأجاب عليه السلام بجواب يظن أنه مطابق لسؤاله والحال أنه ليس كذلك لأنه أراد بطلاق السنة، هو الطلاق المشتمل على الرجوع بين الطلقات والدخول، فإن هذا هو المحرم ثانيا إذا كان ثلاثا، والسائل يظن أن مراده ما سأل عنه من الطلاق ثلاثا في مجلس واحد وأنه من السنة عنده، وقوله عليه السلام " لا يحسن أن تقول مثل هذا " يعني أن يجيب بالحكم الواقعي مع كونه موافقا لمراد السائل يعتقد أنك أجبته بمقتضى اعتقاده الباطل. (منه - قدس سره -).
(٢٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 ... » »»
الفهرست