بحيث يخفى بعض الكلم، والبعد عن القارئ، ونحو ذلك. والضابط: كونه (بحيث لا يفهم المقروء)؛ لعدم تحقق معنى الإخبار والتحديث معه؛ فلو اتفق، قال:
" حضرت " لا " حدثنا " و " أخبرنا ".
وقيل: يجوز (ويعفى عن اليسير) من النسخ ونحوه، على وجه لا يمنع أصل السماع، وإن منع وقوعه على الوجه الأكمل (1).
ويختلف ذلك باختلاف أحوال الناس في حسن الفهم وعدمه، واندفاعه بالشواغل، فإن منهم من لا يمنعه النسخ ونحوه مطلقا، ومنهم من يمنعه أدنى عائق.
وقد روي عن الحافظ أبي الحسن الدارقطني أنه حضر في حداثته مجلس الصفار، فجلس ينسخ جزءا كان معه والصفار يملي، فقال له بعض الحاضرين:
لا يصح سماعك وأنت تنسخ، فقال: فهمي للإملاء خلاف فهمك. ثم قال: تحفظ كم أملى الشيخ من حديث إلى الآن؟ فقال: لا، فقال الدارقطني: أملى ثمانية عشر حديثا، فعدت الأحاديث فوجدت كما قال. ثم قال أبو الحسن: الحديث الأول منها عن فلان ومتنه كذا، والحديث الثاني عن فلان ومتنه كذا. ولم يزل يذكر أسانيد الأحاديث ومتونها على ترتيبها في الإملاء حتى أتى على آخرها، فتعجب الناس منه (2).
(وليجز) الشيخ (للسامعين روايته) أي رواية المسموع أجمع، أو الكتاب بعد الفراغ منه، وإن جرى على كله اسم السماع.
وإنما كان الجمع أولى؛ لاحتمال غلط القارئ وغفلة الشيخ، أو غفلة السامع عن بعضه، فيجبر ذلك بالإجازة لما فاته.
وإذا كتب لأحدهم خطه حينئذ، كتب: " سمعه مني، وأجزت له روايته عني "؛ جمعا بين الأمرين.