المدينة، وكان الراوي حينئذ بها إلا أنه لم يسمع منه شيئا (1)؛ مدلسا بذلك.
وكون " سمعت " في هذه الطريق أعلى منهما مذهب الأكثر؛ لما ذكرناه.
(وقيل: هما أعلى) منها؛ لأنه ليس في " سمعت " دلالة على أن الشيخ روى الحديث وخاطبه به، وفي " حدثنا وأخبرنا " دلالة على أنه خاطبه ورواه له (2).
وفيه: أن هذه وإن كانت مزية، إلا أن الخطب فيها أسهل من احتمال الإجازة والتدليس ونحوهما، فيكون تحصيل ما ينفي ذلك أولى من تخصيصه باللفظ أو كونه من جملة المقصودين به؛ إذ لا يفترق الحال في صحة الرواية بهذه المرتبة بين قصده وعدمه.
(ثم) بعد " حدثني وحدثنا " في المرتبة، قوله في هذه الحالة: (" أخبرنا ")؛ لظهور الإخبار في القول، ولكنه يستعمل في الإجازة والمكاتبة كثيرا؛ فلذلك كان أدون.
(ثم " أنبأنا " و " نبأنا ")؛ لأن هذا اللفظ غالب في الإجازة، (وهو قليل) الاستعمال (هنا) قبل ظهور الإجازة، فكيف بعدها؟!
(و) أما قول الراوي: (" قال لنا " و " ذكر لنا ") فهو (من قبيل " حدثنا ")، فيكون أولى من " أنبأنا ونبأنا "؛ لدلالته على القول أيضا صريحا، (لكنه) ينقص عن " حدثنا " بأنه (بما سمع في المذاكرة) في المجالس (والمناظرة) بين الخصمين (أشبه) وأليق (من " حدثنا ")؛ لدلالتهما على أن المقام لم يكن مقام التحديث، وإنما اقتضاه المقام.
(وأدناها) أي أدنى العبارات الواقعة في هذه الطريق، قول الراوي بالسماع:
(" قال فلان " ولم يقل: " لي " أو " لنا ")؛ لأنه بحسب مفهوم اللفظ أعم من كونه سمعه منه أو بواسطة أو وسائط، (وهو) مع ذلك (محمول على السماع) منه عرفا (إذا تحقق لقاؤه) للمروي عنه، لا سيما ممن عرف أنه لا يقول ذلك إلا في ما سمعه.