ما ذكرتم بل هاهنا سبب آخر وهو أن الصلاة مشروطة بالطهارة، والتيمم لا يجوز فعله ابتداء في أول الوقت للحديث الصحيح عن محمد بن مسلم قال:
سمعته يقول: إذا لم تجد الماء وأردت التيمم فأخر التيمم إلى آخر الوقت (1).
وإذا لم يجز فعله ابتداء في أول الوقت وجب تأخير الصلاة لفوات شرطها وهو الطهارة، أما مع سبق التيمم السائغ على الوقت فإنه غير مشروط بآخر الوقت إجماعا لوقوعه قبل الوقت على وجه الصحة فصحت (2) الصلاة في أول وقتها لحصول شرائطها.
لأنا نجيب عن الأول: بمنع كون الطلب علة لجواز التأخير وإلا لزم أحد الأمرين: وهو إما خرق الإجماع، أو خروج العلة عن كونها علة واللازم بقسميه باطل فالملزوم مثله.
بيان الشرطية: أن الطلب إما أن يجب في جميع أجزاء الوقت الموسع إلى أن يضيق وقته أو لا يجب، فإن كان الأول لزم خرق الإجماع وهو أحد الأمرين، إذ لا قائل بوجوب استيعاب وقت السعة للطلب، ولقائل أن يمنع ذلك، ووجوب السعي في الطلب غلوة سهم أو سهمين لا يدل على انتفاء مطلق الطلب الذي قد يحصل بالانتظار له. والثاني يلزم منه الأمر الثاني لأنه إذا انتفى وجوب الطلب قبل تضيق الوقت لم يجب التأخير وإلا وجد المعلول من دون العلة فيخرج عن كونها علة.
وعن الثاني: أن المانع من جواز التيمم في أول لوقت إيقاع الصلاة بطهارة اضطرارية لا عدم إيقاعه في أول الوقت لذاته، ولا شك في أن هذا ثابت في صورة النزاع وبالجملة فالمسألة مشكلة حيث لم نجد فيها نصا عن الأئمة عليهم السلام، وقول الجماعة: أنه يصلي بالتيمم الواحد صلوات الليل والنهار