والجواب: أن هذا مجرد افتراض وليس له واقع موضوعي؛ إذ لا شبهة في أن الأعلم بالمعنى المشار إليه آنفا إنما هو بين العلماء المتأخرين بالنسبة إلى المتقدمين، والشاهد على ذلك هو تطور علم الاصول وعلم الفقه بنحو قد أصبحا أكثر عمقا واستيعابا وأكثر دقة وصرامة على أساس أنهما علمان مترابطان بترابط متبادل على مستوى واحد في طول التأريخ، فكلما كان البحث الأصولي النظري أكثر دقة وعمقا وأوسع شمولا كان يتطلب في مجال التطبيق دقة أكبر والتفاتا أوسع وأشمل، ومن الواضح أنهما لم يكونا موجودين بهذه الدرجة من التطور والسعة في الأزمنة السابقة، أجل قد يتفق ذلك في عصر واحد، فإذا مات المرجع في التقليد يمكن أن يكون هو أعلم من جميع الأحياء الموجودين فعلا. ثم إن وظيفة العامي هي الرجوع إلى المجتهد الحي الأعلم وتقليده، ولكنه قد يسوغ للمقلد أن يستمر على تقليد المرجع الميت وقد يسوغ له أن يقلده ابتداء، ولا يحق له أن يستمر على تقليده أو يقلده ابتداء بصورة اعتباطية، وإنما يسوغ له ذلك بعد أن يتعرف على الأعلم من المجتهدين الأحياء ويرجع إليه في التقليد فيسمح له بالاستمرار على ذلك أو الرجوع إليه ابتداء؛ إذ لو لم يصنع ذلك كان كمن يعمل من دون تقليد.
وقد تسأل: أنه يعرف مما سبق أن المرجع في التقليد إذا مات، فإن كان أعلم من كل الأحياء الموجودين بالفعل وجب البقاء على تقليده - كما لو كان حيا - من دون أدنى فرق بين حال حياته وموته، وإذا كان الحي أعلم من الميت وجب العدول إلى تقليده في كل المسائل من دون استثناء، فهل الأمر كذلك إذا وجد في الأحياء من هو مساو للميت علما واجتهادا؟
والجواب: أن الميت إن كان أسبق من الحي في الأعلمية وجب البقاء على