والمراد بالعمري وابنه: عثمان بن سعيد العمري وابنه محمد بن عثمان، وكلاهما من نواب الناحية المقدسة.
وهل الرواية في مقام جعل الحجية التعبدية لروايتهما أو لفتواهما، أو تكون إمضاء لما استقرت عليه السيرة من العمل بقول الثقة المأمون رواية أو فتوى، وإنما تعرضت لكون الرجلين من مصاديق ما استقرت عليه السيرة؟ وجهان.
ظاهر تعليل الإمام - عليه السلام - هو الثاني. إذ التعليل يقع عادة بذكر كبرى كلية ارتكازية معلومة للمخاطب. وسبق العهد بكبرى كلية شرعية بهذا المضمون بعيد جدا.
ثم هل تكون الرواية دليلا لحجية رواية الثقة أو فتواه، أو كلتيهما؟ لعل الظاهر هو الأخير. إذ الفتوى في تلك الأعصار كانت قليلة المؤونة; فإن ذكر الرواية بقصد الحكاية عن الإمام كان رواية، وإن ذكرها بقصد الحكاية عما فهمه وأدركه من الحكم الشرعي كان فتوى.
11 - ومنها ما رواه الكشي بسنده، عن شعيب العقرقوفي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام)، ربما احتجنا أن نسأل عن الشيء، فمن نسأل؟ قال: " عليك بالأسدي، يعني أبا بصير. " (1) 12 - ومنها ما رواه الكشي أيضا، عن عبد الله بن أبي يعفور، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنه ليس كل ساعة ألقاك ولا يمكن القدوم، ويجيء الرجل من أصحابنا فيسألني وليس عندي كل ما يسألني عنه؟ فقال: " ما يمنعك من محمد بن مسلم الثقفي، فإنه سمع من أبي وكان عنده وجيها. " (2) والرواية بنفسها شاهدة على أن رجوع بعض الأصحاب إلى بعض والاستفتاء منه كان أمرا متعارفا.