قال محمد بن إدريس رحمه الله: والأولى عندي الوصية به، والوديعة، ولا يجوز دفنه، لأنه لا دليل عليه.
وقال قوم: يجب أن يقسم الخمس، ستة أقسام: فثلاثة أقسام للإمام، يدفن أو يودع من يوثق بأمانته، والثلاثة الأقسام الأخر، تفرق على مستحقيها، من أيتام بني هاشم، ومساكينهم، وأبناء سبيلهم، لأنهم المستحقون لها، وهم ظاهرون، وعلى هذا يجب أن يكون العمل والاعتماد والفتيا، لأن مستحقها ظاهر، وإنما المتولي لقبضها وتفريقها ليس بظاهر، فهو مثل الزكاة، في أنه يجوز تفرقتها، وإن كان الذي يجبي الصدقات ويتولاها ليس بظاهر، فأما القول الأول فلا يجوز العمل به على حال.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: هذا الذي اخترناه، وحققناه، وأفتينا به، هو الذي يقتضيه الدين، وأصول المذهب، وأدلة العقول، وأدلة الفقه، وأدلة الاحتياط، وإليه يذهب ويعول عليه، جميع محققي أصحابنا المصنفين، المحصلين، الباحثين، عن مأخذ الشريعة، وجهابذة الأدلة، ونقاد الآثار، فإن جميعهم يذكرون في باب الأنفال هذه المقالة، ويعتمدون على القول الأخير الذي ارتضيناه، بغير خلاف بينهم، ويقولون ما حكيناه. ويذكرون ما شرحناه، ويصرحون بأنه ليس فيه نص معين، فلو كان الخبران الضعيفان صحيحين، ما كانوا يقولون ليس فيه نص معين.
وشيخنا المفيد، يقول: وإنما اختلفوا في ذلك، لعدم ما يلجأ إليه من صريح المقال، وما سطرناه، واخترناه، مذهب شيخنا أبي جعفر الطوسي رحمه الله واختياره في مبسوطه (1)، وهذا الكتاب، اللهم آخر ما صنفه في الفقه، فإنه بعد النهاية، والتهذيب والاستبصار، والجمل والعقود، ومسائل الخلاف، وإن كان