هذين الخبرين المرسلين، وراوي أحدهما فطحي المذهب، كافر ملعون، مع كونه مرسلا وهو الحسن بن الفضال، وبنو فضال كلهم فطحية، والحسن رأسهم في الضلال، ثم لو سلمناهما تسليم جدل، ما كان فيهما ما ينافي ما ذكرناه، لأنه قال فيهما: وإن نقص استغناؤهم، كان على الوالي أن ينفق من عنده، بقدر ما يستغنون به، لأنه عليه السلام القائم بأمور الرعية، الناظر في أحوالهم، سواء كانوا هاشميين، أو عاميين، فإنه يجب عليه أن ينفق عليهم من بيت مال المسلمين، لا من ماله، لأن لهم في بيت المال حظا مثل سائر الناس، وليس المال الذي في بيت مال المسلمين مختصا بأرباب الزكوات، بل الناس جميعهم فيه شرع سواء، وهو المتولي لتفرقته عليهم، فقوله: من عنده، أي من تحت يده، وأيضا فقد بينا أنه لا يجوز العمل بأخبار الآحاد، وإن كانت رواتها ثقات، عند أهل البيت عليهم السلام، لأنها لا توجب علما ولا عملا، وأكثر ما يثمر غلبة الظن، ولا يجوز العدول عن المعلوم الذي هو كتاب الله تعالى إلى المظنون، وأدلة العقول تعضد ذلك، وتشهد به، لأن مال الغير لا يجوز التصرف فيه، إلا بإذنه ولو لم يكن في ذلك إلا طريقة الاحتياط لبراءة الذمة، لكفى، لأن الذمة مشغولة بهذا المال، وإيصاله إلى صاحبه، ومستحقه، فإذا فعل ذلك تيقن براءة ذمته مما لزمها، وإذا أعطاه لغيره ففيه الخلاف، ولم يتيقن براءة ذمته، وإذا لم يكن مع المخالف إجماع، فدليل القرآن، وأدلة العقول، ودليل الاحتياط، المتمسك بها في المسألة، هو الواجب الذي لا يجوز العدول عنه، لذي لب وتأمل وتحصيل، وأيضا فالمسألة الشرعية، لا نعلمها إلا من أربع طرق، كتاب الله العزيز، وسنة رسوله المتواترة، وإجماع الشيعة الإمامية، لدخول قول معصوم فيه، فإذا فقدنا الثلاث الطرق، فدليل العقد المفزع إليه فيها، فهذا معنى قول الفقهاء: دلالة الأصل، فسبرنا كتاب الله تعالى، فما وجدنا فيه، أن مال ابن الحسن، يعطى لغيره، ويستحقه سواه، ويسلم إليه بغير إذنه، وكذلك السنة المتواترة، ولا أجمعنا
(٤٩٥)