حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " (1) وغير ذلك من الآيات المقتضية للإباحة، والشئ إذا كان عندهم شديد الكراهة، قالوا لا يجوز، وهذا شئ يعرف بالقرائن والضمائم.
ويكره صيام النوافل في السفر على كل حال، وهو مذهب شيخنا أبي جعفر الطوسي رحمه الله في نهايته (2) واستبصاره (3)، ومذهب شيخنا المفيد رحمه الله فإنه ذكر في مقنعته فقال: ولا يجوز لأحد أن يصوم في السفر تطوعا، ثم قال: وقد روي حديث في جواز التطوع في السفر بالصيام (4)، وجاءت أخبار بكراهية ذلك، وأنه (5) ليس من البر الصيام في السفر (6) وهي أكثر، وعليها العمل، عند فقهاء العصابة، فمن عمل على أكثر الروايات، واعتمد على المشهور منها، في اجتناب الصيام في السفر، على كل وجه، كان أولى بالحق، والله الموفق للصواب (7) هذا آخر كلام المفيد.
وهذا القول هو الحق والصواب، لأن الأصل براءة الذمة، من الواجب والمندوب، فمن أدعى تكليفا مندوبا أو واجبا، فإنه يحتاج في إثباته إلى دليل شرعي، وإلا فالأصل عدم التكليف، وهو أيضا مذهب جلة المشيخة الفقهاء من أصحابنا المحصلين، فإذا كان دليل الإجماع على المسألة مفقودا، لأنهم مختلفون فيها، بقي أن الأصل براءة الذمة من التكليف، فمن شغلها بواجب أو ندب يحتاج إلى دليل.
وصيام الثلاثة الأيام في الحج واجب في السفر، كما قال الله تعالى: " فصيام ثلاثة أيام في الحج " (8) وقد وردت الرغبة في صيام ثلاثة أيام، بالمدينة لصلاة