متوان، ولا ينفعه عزمه، لأنه فرض مضيق، فلا يكون العزم، بدلا منه، فافترق الأمر بين المسألتين، وشئ آخر، وهو أن العزم بدل من فعل الواجب الموسع، فإذا تركه فقد أخل بالواجب الذي هو العزم، فيجب عليه الكفارة، لأجل تركه الواجب الذي هو العزم.
فأما إذا عزم، وضاق الوقت، وترك الصوم فقد توانى، فيجب عليه الكفارة، لأنه صار واجبا مضيقا، فما بقي يفيد (1) العزم.
فأما إذا عزم، وضاق الوقت، ومرض، فلا يجب الكفارة، لأنه ما أخل بالواجب الذي هو العزم، فأما إذا لم يعزم، ومرض في الزمان الذي قد تضيق عليه، فيجب أيضا عليه الكفارة، لإخلاله بالواجب الذي هو العزم، فهذا يمكن أن يكون وجه الفتيا، على ما أورده شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله.
والذي أعتقده، وأفتي به، سقوط الكفارة عمن أوجبها عليه، لأن الأصل براءة الذمة من العبادات، والتكاليف، وإخراج الأموال، إلا بالدليل الشرعي القاطع للأعذار، والقرآن خال من هذه الكفارة، والسنة المتواترة خالية أيضا، والإجماع غير منعقد على وجوب هذه الكفارة، لأن أكثر أصحابنا لا يذهبون إليها، ولا يوردونها في كتبهم، مثل الفقيه سلار، والسيد المرتضى، وغيرهما، ولا يذهب إلى الكفارة في هذه المسألة، إلا شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان في الجزء الثاني من مقنعته ولم يذكرها في كتاب الصيام منها، ولا في غيرها من كتبه، وشيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله، ومن تابعهما، وقلد كتبهما، أو يتعلق (2) بأخبار الآحاد التي ليست عند أهل البيت عليهم السلام حجة، على ما شرحناه، فلم يبق في المسألة، إلا لزوم دليل الأصل، وهو براءة الذمة، فمن شغلها بشئ، يحتاج إلى دليل شرعي، ولا دليل له على ذلك.