وان عنيتم به ان النفس مدبره لهذه القوى ومحركه لها فهذا يحتمل وجهين أحدهما ان يقال إن النفس تبصر المرئيات وتسمع المسموعات وتشتهي المشتهيات وتكون ذاتها محلا لهذه القوى ومبدءا لهذه الأفعال ومتصفة بصفاتها وهذا هو الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ولكن من الذي أحكمه وأتقنه ودفع الشكوك وأزاح العلل المانعة لادراكه فان الامر إذا كان كذلك فكيف يقع (1) ويسوغ القول بتعدد القوى ويحصل التدافع تارة في فعلها إذا كان الكل جوهرا واحدا له هوية واحده وبالجملة القول به يوجب القول ببطلان القوى التي أثبتها الشيخ وغيره من الحكماء في الأعضاء المخصوصة المختلفة المواضع فان النفس إذا كانت هي الباصرة والسامعة والمشتهية فأي حاجه إلى اثبات قوه باصرة في الروح التي في ملتقى العصبتين والى اثبات قوه سامعه في الروح التي في العصب المفروش الصماخي.
وأيضا يلزم ان يكون الانسان انما أبصر وسمع لا بابصار وسماع قائم بذاته بل بابصار وسماع قائم بغيره والوجه الثاني ان يقال إن المعنى بكون النفس رباطا ان القوة الباصرة إذا أدركت صوره شخص معين أدركت النفس (2) الناطقة ان في الوجود شخصا موصوفا بلون كذا وشكل كذا ووضع كذا وكل على وجه كلي لا يخرج انضمام بعضه إلى بعض في شئ من ذلك الشئ عن الكلية فإنك قد عرفت ان الكلى إذا قيد بصفات كليه