واعلم أن النفس الانسانية إذا كملت في العلم والعمل صارت كشجره طيبه متحملة لثمرات العلوم الحقيقية وفواكه المعارف اليقينية وكانت أصلها علوم ثابته وفرعها نتائج هي حقائق عالم الملكوت ومعارف عالم اللاهوت هذا من حيث قوه العلم والادراك واما من حيث قوه العمل والتأثير فهي تصير بحيث كلما تريده ويتمناه يحضر عندها بقوتها العملية القوية على احضار الصور المطلوبة دفعه بلا مهلة لان باطن الانسان في الدنيا عين ظاهره في الآخرة كما مرت الإشارة إليه سابقا والانسان يتصور ويخترع هاهنا بقوته الخيالية كل ما يريده ويشتهيه فيحضر صوره مشتهيات كثيره في باطنه بحسب التمثل الذهني الا ان تلك الصور ليست (1) موجودة ولا حاضره عند حسه في العين بل عند خياله في الذهن بوجود ضعيف غير متأكد ولأجل ذلك لا يلتذ منها لذه تحصل من المشتهيات العينية ولانصراف النفس إلى الشواغل الحسية واما عند القيامة فلكون النفس مجرده عن شواغل الدنيا وآثار الحواس وكون الباطن مكشوفا ظاهرا والعلم عينا والغيب شهادة كانت اللذة على حسب الظهور والوجود فتكون مفرطة لأنها نزلت تلك الصور منزله الصورة الموجودة في العين ولن تفارق الآخرة الدنيا في هذا المعنى الا من حيث كمال القوة والقدرة للنفس الانسانية على تصوير الصور عند القوة الحاسة كما تشتهيه في الآخرة دون الدنيا إذ ليس لها
(٣٧٨)