وتقلبها من صوره إلى صوره لقوله تعالى كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب وذلك لان طبائعهم من القوى الجسمانية المادية لما مر ان دار الجحيم من جنس هذه الدار وقد سبق ان أفاعيل القوى المادية وانفعالاتها متناهية فلا بد فيها من انقطاع وتبدل ثم لا بد في تبدل الأبدان (1) واستحالة المواد من حركه (2) دورية صادره عن أجسام سماوية محيطه بأجسام ذوات جهات متبائنة كائنة فاسده فيكون الحكم في أهل النار بحسب ما يعطيه الامر الإلهي بما أودعه من القوة المحركة في الجرم الأقصى الجابرة إياه على حركاته والكواكب الثابتة في سياحة الدراري السبعة المطموسة الأنوار كلها يوم الآخرة فهي كواكب لكنها ليست بثواقب ولا مضيئه ولها تأثيرات في خلق أهل النار بفنون من العذاب وصنوف من العقاب بحسب ما يقتضيه سوابق أعمالهم ومبادئ أفعالهم واعتقاداتهم ونياتهم ولهذا حكم أهل المعرفة والشهود بان حكم النار وأهلها قريب من حكم الدنيا (3) وأهلها ولهذا ليس لأهل النار الذين هم من أهلها بعد استيفاء مده العذاب وانقضاء زمان العقاب نعيم خالص ولا عذاب خالص وحالهم بين الحياة والممات كما قال تعالى لا يموت فيها ولا يحيى وهذا بعينه حال أهل الدنيا فان نعيم الدنيا ممزوجة بالمحنة والبلاء وحياتها مشوبة بالموت والسبب في ذلك أنه بقي فيهم ما أودع الله فيهم من آثار حركات الأفلاك ولم يقع لهم توفيق الخروج من حكم الطبيعة وتأثيرها فلا جرم لم ينجو من عذاب النار وان تغيرت منهم الصورة وتبدلت لهم النشأة على قدر ما تغير وتبدل من صور الأفلاك والكواكب من التبديل والطمس والانكدار كما قال تعالى فاما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض
(٣٨١)