الصادرة منها كالشهوة والغضب وغيرها هي كمالات ومتممات لها بها تسبح الله وتقدسه وليست مما يقصد في أفعالها المخالفة لله ولا في تأتيها المعصية انتهاكا للشريعة وانما تجرى بحسب طبعها وكل ما يجرى من الافعال بحسب الطبع فهو تسبيح لله وتقديس كما علم سابقا لكنها اتفق انها على طبيعة لا توافق صاحبها وراكبها على ما يريد منها فاذن يجب عليك ان تتأمل في هذا المقام وتجد محل الآلام فاعلم أن محل الآلام كالممتزج من أمرين وهي النفس الآدمية المتصلة بالنفس الحيوانية قبل ان تصير عقلا بالفعل فهي كالبرزخ الجامع للطرفين والمتوسط بينهما فهي محل صوره العقوبات من حيث كونها نفسا حيوانية ومدرك الآلام من حيث كونها ناطقة فإذا وقع العقاب يوما القيامة فإنما يقع على النفس الحيوانية لمخالفتها للنفس الناطقة في سلوك طريق الحق كما يضرب الدابة إذا جمحت وخرجت عن الطريق الذي يراد المشي عليه ألا ترى الحدود الشرعية في الزنا واللواط والسرقة وغيرها انها محلها النفس الحيوانية وهي التي تحس بألم القتل وقطع اليد وضرب الظهر فقامت الحدود بالجسم وقام الألم بالنفس الحساسة المتخيلة واما النفس الناطقة أعني الجوهر العقلي المدرك للعقليات المحضة لا تبرح عن مكانها (1) العالي الشريف فهي على شرفها في عالمها
(٣٧١)