له خذ من وراء ظهرك أي من حيث نبذته فيه في حياتك الدنيا كما في قوله تعالى قيل ارجعوا ورائكم فالتمسوا نورا وهو كتابه المنزل عليه بواسطة الرسول لا كتاب الأعمال فإنه حين نبذه وراء ظهره ظن أن لن يحور أي جزم (1). واما الموازين فقد مر بيانها على قدر ما تيسر لنا في حقيقة معناها.
واما الصراط فقد علمت أنه طريق الجنة وانه يتسع في حق البعض ويضيق في حق البعض وهو هاهنا معنى وفي الآخرة له صوره محسوسة والناس بعضهم سائرون على الصراط المستقيم وبعضهم منحرفون عنه إلى طريق الجحيم قال تعالى وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ولما تلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذه الآية خط خطا وخط عن جنبيه خطوطا أخرى فالمستقيم هو صراط التوحيد الذي سلكه جميع الأنبياء واتباعهم والمعوجة هي طرق أهل الضلال وتوابع الشيطان والمنافق لا قدم له على صراط التوحيد وله قدم على صراط الوجود والمعطل لا قدم له على صراط (2) الوجود أيضا بحسب ما هو انسان وانما له قدم عليه بما هو حيوان ودابة لقوله تعالى ما من دابة الا هو آخذ بناصيتها والموحد وإن كان فاسقا لا يخلد في النار بل يمسك على الصراط ويسأل ويعذب هناك وهو على متن جهنم غائب فيها والكلاليب التي فيه تمسكهم عليه ولما كان الصراط في النار وما ثم طريق إلى الجنة الا عليه قال تعالى وان منكم الا واردها كان على ربك حتما مقضيا وهذه الكلاليب والخطاطيف كما ورد في الحديث هي صوره تعلقات الانسان بالدنيا والقيود الدنيوية المانعة لسلوك طريق الحق تمسكهم يوم القيامة على الصراط فلا ينهضون إلى الجنة ولا يقعون أيضا في النار لأجل قوه الايمان ونور التوحيد حتى يدركهم الشفاعة لمن اذن له الرحمان فمن تجاوز هاهنا تجاوز الله عنه ومن انظر معسرا أنظره الله ومن عفى عن أخيه عفى الله عنه ومن استقضى حقه هاهنا من غير تسامح استقضى الله حقه هناك