وهم بعد في جلابيب البشرية ولغيرهم من الأولياء انما يحصل بعد ارتحالهم عن هذه الحياة الدنيا فتأمل يا حبيبي في هذا المقام فعساك تنفتح لك روزنة إلى عالم الملكوت والا فما زلت متوجها إلى ملابس عالم التقليد الحيواني مصروف الهمة والوجهة إليه من أنوار الملكوت مستفيدا من آثار الحس والتقليد فمحال ان يتجلى لك شئ من غوامض الحكمة واسرار القيامة واعلم بأنك مسافر من الدنيا إلى الآخرة وأنت تاجر ورأس مالك حياتك الدنياوية وتجارتك هي اكتساب القنية العلمية وهي زادك في سفرك إلى معادك وفائدتك هي حياتك الأبدية ونعيمها بلقاء الله وملكوته وخسرانك هلاك نفسك باحتجابك عن جوار الله ودار كرامته واعلم أن الناقد بصير ولا يقبل منك الا الخالص من ابريز المعرفة والطاعة فوزن حسناتك بميزان صدق لا ميل فيه واحسب حساب نفسك قبل ان توافي عمرك وقبل ان يحاسب عليك في وقت لا يمكنك التدارك والتلافي فالموازين مرفوعة ليوم الحساب وفيه الثواب والعقاب فاما من ثقلت (1) موازينه فهو في عيشه راضية واما من خفت موازينه فأمه هاوية وما ادراك ماهية نار حامية تتمه واما القول في ميزان الأعمال فاعلم أن لكل عمل من الأعمال البدنية تأثيرا في النفس فإن كان من باب الحسنات والطاعات كالصلاة والصيام والحج والزكاة والجهاد وغيرها فله تأثير في تنوير النفس وتخليصها من أسر الشهوات وتطهيرها عن غواسق الهيوليات وجذبها من الدنيا إلى الأخرى ومن المنزل الأدنى إلى المحل الاعلى فلكل عمل منها مقدار معين من التأثير في التنوير والتهذيب وإذا تضاعفت وتكثرت الحسنات فبقدر تكثرها وتضاعفها يزداد مقدار التأثير والتنوير وكذلك لكل عمل من الأعمال السيئة قدرا معينا من التأثير في إظلام جوهر النفس وتكثيفها وتكديرها وتعليقها بالدنيا وشهواتها وتقييدها بسلاسلها وأغلالها فإذا تضاعفت المعاصي والسيئات ازدادت الظلمة والتكثيف شده وقدرا وكل ذلك محبوب
(٣٠٣)