عن مشاهده الخلق في الدنيا وعند قيام الساعة وارتفاع الحجب ينكشف لهم حقيقة الامر في ذلك ويصادف كل أحد مقدار سعيه وعمله ويرى رجحان إحدى كفتي ميزانه وقوه مرتبه نور طاعته أو ظلمه كفرانه وبالجملة كل أحد من افراد الناس في مده حياته له تفاريق اعمال اما حسنات أو سيئات أو مختلفات فإذا جمع يوم القيامة (1) حاصل متفرقات حسناته أو سيئاته كان اما لأحدهما الرجحان أو لا فعلى الأول يكون من أهل السعادة إن كان الرجحان للحسنة ومن أهل الشقاوة إن كان للسيئة وعلى الثاني يكون متوسطا بين الجانبين حتى يحكم الله فيه اما ان يعذب واما ان يتوب عليه لكن جانب الرحمة أرجح نظرا إلى الجواد المطلق وهذه الأقسام الثلاثة انما تعتبر بالقياس إلى الأعمال وفي الوجود قسم آخر ارفع من الكل وهم الذين استغرقت ذواتهم في شهود جلال الله ولا التفات لهم إلى عمل صالح أو سيئ فكسروا كفتي ميزانهم وخلصوا من عالم الموازين والأعمال والانحراف فيها والاعتدال إلى عالم المعارف والأحوال ومطالعة أنوار الجمال والجلال فنقول من الرأس كل أحد ما لم يخلص بقوة اليقين ونور الايمان والتوحيد عن قيد الطبيعة واسر الدنيا فذاته مرهونة بعمله فهو بحسب مزاولة الأعمال والافعال وثمراتها ونتائجها وتجاذبها للنفس إلى شئ من الجانبين بمنزله ميزان ذي كفتين إحدى كفتيه تميل إلى الجانب الأسفل أعني الجحيم بقدر ما فيها من متاع الدنيا الفانية والأخرى يميل إلى الجانب الاعلى ودار النعيم بقدر ما فيها من متاع الآخرة ففي يوم العرض الأكبر إذا وقع التعارض بين الكفتين والتجاذب إلى الجنبتين فالحكم لله العلى الكبير على كل أحد في ادخاله إحدى الدارين دار النعيم ودار الجحيم بترجيح
(٣٠٤)