الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٥ - الصفحة ٢٩٧
كل دقيق وجليل من أعماله في كتابه لا يغادر صغيره ولا كبيره الا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا والحساب عبارة عن جمع تفاريق الاعداد والمقادير وتعريف مبلغها وفي قدره الله ان يكشف في لحظه واحده للخلائق حاصل (1) أعمالهم
(١) هذا للمقربين واضح لصيرورتهم عقولا بسيطه بل عقولا كليه وكينونتهم أرواحا مجرده عن المادة وعن حجب الزمان والمكان وغيرهما مطويا في وجودهم جميع الصور كما ورد ان عليا ع كان يتلو القرآن جميعا دفعه واحده أي مطلق القرآن تدوينيا كان أو تكوينيا آفاقيا كان أو أنفسيا وبالجملة هذه السعة والإحاطة صارت مقاما لهم واما بالنسبة إلى أصحاب اليمين الذين لم يستكمل عقولهم النظرية فضلا عن أصحاب الشمال فالانكشاف في لحظه واحده ليس مقاما لهم ولم يكن تجردهم الا برزخيا فذلك الانكشاف كحال لهم سريع الزوال وليس لهم العلم بالعلم بل لهم ادراك بسيط لا الادراك التركيبي فمقام أولئك المقربين كمقام المستغرقين في يوسف دائما وحال هؤلاء كحال النسوة المستغرقات فيه سوية ولما عرفت معنى الحاصل والفذلكة كان للانكشاف الحاصل وجه آخر هو كون الملكة حاله بسيطه جامعه للفعليات المنبعثة منها فانكشافها انكشاف الجميع دفعه واحده ثم إن في المعاد الجسماني اشكالا وهو انه ورد التبدلات والتجددات الأخروية في الكتاب والسنة مثل قوله تعالى كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ومثل حركات أهل الجنة وأكلاتهم وشرباتهم ومباشراتهم المتعاقبة المتجددة ومثلها في أهل النار مما يليق بحالهم والحال ان القوة والاستعداد هناك مفقودان إذ الهيولى من خاصية هذه النشأة الطبيعية والدنيا مزرعة والآخرة دار الحصاد فحينئذ كل ما هو من لوازم أعمالهم وملكاتهم لا بد ان يشاهد دفعه وهذا يؤكد عموم الكشف في اللحظة مع أنه لا يساعده العقل والنقل ولا يتيسر لكثير من المتفلسفة المنكرين للعلم بالجزئيات في المجردات تصويره وكيف يقع لأصحاب اليمين فضلا عن أصحاب الشمال ولو يتيسر لهؤلاء لكان لهم أعلى المقامات مع أنه لم يكن لهم من العلوم والمقامات ما يوجبه وافعال الله ليست جزافية وان أثبت هذا المقام لصاحب العقل بالفعل والمستفاد والعقول الكلية كان موجها ولكن الاشكال ليس فيهم والحق ان الصور الأخروية صور صرفه وامتداداتها امتدادات محضه بلا حامل وليس لها الا القيام الصدوري بالحق تعالى كما ورد يا من كل شئ قائم بك وعدم اجتماعها مكانا وزمانا ذاتي لصورها ومقاديرها والذاتي لا يعلل ولا يتخلف فالغيبة في الابعاد القارة وعدم القرار في الزمان انما هما بالذات كما في هذه النشأة وليسا بسبب الهيولى حتى لو فرض عدم الهيولى لكان الامتدادات القارة والغير القارة بحالها في عدم امكان اجتماع اجزائها هذا في المدرك واما المدرك فهو وإن كان من أصحاب اليمين لم يخرج عقله النظري الذي يدور عليه مدار التجرد الحقيقي والسعة الحقيقية من القوة إلى الفعل فصار ضيق الوجود في الفطرة الثانوية إذ النفس الناطقة في غاية اللطافة فبأي شئ تتوجه وتتصور بصورته وتتزئ بزيه فإذا نشأت مده عمرها على الاتحاد بالصور الممتدة والجزئيات الداثرة صار حكمها حكمها فتفعل مشتهياتها تعاقبا وولاء ولم يتأت لها أكلات غير متناهية أو مباشرات غير متناهية بل كثيره متناهية دفعه وهذا واضح هذا ما حققته في دفع ذلك الأعضال س ره