الصحيح المطابق للشريعة والملة الموافق للبرهان والحكمة فمن صدق وآمن بهذا فقد آمن بيوم الجزاء وقد أصبح مؤمنا حقا والنقصان عن هذا الايمان خذلان وقصور عن درجه العرفان وقول بتعطل أكثر القوى والطبائع عن البلوغ إلى غاياتها والوصول إلى كمالاتها ونتائج أشواقها وحركاتها ويلزم ان يكون ما أودعه الله في غرائز الطبائع الكونية وجبلاتها من طلب الكمال والتوجه إلى ما فوقها هباء وعبثا وباطلا وهدرا فلكل قوه من القوى النفسانية وغيرها كمال يخصها ولذة والم وملائمه ومنافره تليق بها وبحسب كلما كسبته أو فعلته يلزم لها في الطبيعة الجزاء والوفاء كما قررته (1) الحكماء من اثبات الغايات الطبيعية لجميع المبادئ والقوى عاليه كانت أو سافله فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا وقوله ولكل وجهه هو موليها واليه الإشارة بقوله تعالى ما من دابة الا هو آخذ بناصيتها ان ربى على صراط مستقيم وكلما في الكون من الجواهر الطبيعية دابة لما بيناه من حركاتها الذاتية فالله آخذ بناصية نفوسها وطبائعها وهو موليها نحوه وجاذبها إليه ومن تحقق بهذا تيقن بلزوم عود الكل ولم يشتبه عليه ذلك وهذا مقتضى الحكمة والوفاء بالوعد والوعيد ولزوم المكافأة في الطبيعة والمجازاة ولنا رسالة على حده في هذا الباب بينا فيها حشر جميع الأشياء الكائنة حتى الجماد والنبات إلى الدار الآخرة وحشر الكل إليه تعالى ببيانات واضحه وقواعد صحيحه برهانية مبناها على أن لا معطل في الطبيعة ولا ساكن في الخليقة فالكل متوجه نحو الغاية المطلوبة الا ان (2) حشر كل أحد إلى ما يناسبه ويجانسه فللانسان بحسبه وللشياطين بحسبهم وللحيوانات بحسبها وللنبات والجماد بحسبهما كما قال تعالى في حشر
(١٩٨)