المنتكسة الرؤس فان لكل خلق أبدان أنواع من حيوانات مناسبة لذلك الخلق ولكل باب منه جزء مقسوم أي لكل بدن من الحيوانات التي هي أبواب الجحيم وهي عالم العناصر عندهم قدر مخصوص من الخلق المتعلق بذلك النوع من الحيوان فان نوعي الخنزير والنمل وان اشتركا في خلق الحرص الا ان حرص النمل ليس كحرص الخنزير وكذا لا يكون حرص بعض أشخاص كل نوع منها كحرص الباقي وقس عليه سائر ذمائم الأخلاق واختلافها شده وضعفا وافرادا وتركيبا كما سيجئ زيادة تفصيل فاختلاف الحيوانات في الحقائق انما هو لأجل اختلاف الناس في الأخلاق المحمودة والمذمومة وفي شدتها وضعفها واختلاف تركيبها فان الأخلاق كلها وارده إليها من المنزل الأول باب الأبواب الذي هو الانسان لأنها التي كانت موجودة فيه أولا وصارت منه إليها بانتقال جوهر نفسه الموصوفة بها إليها من غير تعطلها في البين.
واما بطلان اللازم فلوجهين أحدهما ظهور عدم العلاقة اللزومية الموجبة لاتصال وقت فساد البدن الانساني بوقت كون البدن الحيواني الصامت ومنع ذلك مستندا بان هذه الأمور مضبوطة بهيئات فلكية غائبة عنا كما يجب في خسارة بعض ربح بعض بحيث لا يبقى المال بينهما معطلا مكابرة إذ مبناه على مجرد احتمال بعيد ومثل هذه الاحتمالات البعيدة لا يوقع اعتقادا ولا يصادم برهانا ومع تمكينها لا يبقى لاحد اعتماد على الحكم على أمرين بالملازمة وعلى آخرين بعدمها.
وثانيهما انه يلزم على ذلك أن ينطبق دائما عدد الكائنات من الأبدان الحيوانية على عدد الفاسدات من الأبدان الانسانية وذلك لأنه لو زادت النفوس على الأبدان لازدحمت عده منها على بدن واحد فإن لم تتمانع وتتدافع فيكون لبدن واحد عده نفوس وقد بين بطلانه وان تمانعت وتدافعت بقيت كلها أو بعضها معطلة ولا معطل في الوجود وان زادت الأبدان على النفوس فان تعلقت نفس واحده بأكثر من بدن يلزم ان يكون الحيوان الواحد بعينه غيره وان لم يتعلق فان حدث لبعض تلك الأبدان نفوس جديدة وللبعض نفوس مستنسخة كان ترجيحا بلا مرجح وان لم يحدث لبعضها نفوس بقي