الحيوان بعد بلوغه إلى تمام الخلقة نطفة وعلقة لأن هذه حركه جوهرية ذاتية لا يمكن خلافها بقسر أو طبع أو اراده أو اتفاق فلو تعلقت نفس منسلخه ببدن آخر عند كونه جنينا أو غير ذلك يلزم كون أحدهما بالقوة والاخر بالفعل وكون الشئ بما هو بالفعل بالقوة وذلك ممتنع لان التركيب بينهما طبيعي اتحادي والتركيب الطبيعي يستحيل بين أمرين أحدهما بالفعل والاخر بالقوة.
هذا ما سنح لنا بالبال وبيانه على الوجه المقرر عند القوم ان الصورة في كل مركب طبيعي من مادة وصوره سواءا كانت نفسا أو طبيعة بينها وبين مادتها سواءا كانت بدنا حيوانيا أو جسما طبيعيا آخر أو أمرا آخر نوع اتحاد لا يمكن زوال إحداهما وبقاء الأخرى بما هما مادة أو صوره فان نسبه المادة إلى الصورة نسبه النقص كما برهن عليه بالبيانات الحكمية والتعليمات الإلهية فوجود كل مادة انما هو بصورتها التي يخرج بها من القوة إلى الفعل وهذية كل صوره من حيث ذاتها وماهياتها بما هي تلك الصورة بمادتها التي هي حامله تشخصها ومخصصة أحوالها وأفعالها الخاصة فإذا تكونت مادة من المواد فهي انما تكونت بتكون صورتها معها التي من سنخها وإذا فسدت فسدت معها صورتها لما علمت أن صوره كل شئ تمامه وكماله فوجود الشئ الناقص من حيث هو ناقص مستحيل لان تمام الشئ مقومه وعلته وكذا كمال الشئ بما هو كماله إذا فسد فسد ذلك الشئ نعم ربما تكون الصورة لا بما هي صوره لشئ بل باعتبار كونها ذاتا مستقلة وصوره لذاتهما لها وجود آخر وحينئذ وجودها لا يستلزم وجود مادة معها وكذلك قد تكون لمادة الشئ لا بما هي مادة له تقوم بصوره أخرى غير تلك الصورة فتوجد معها وتتحد بها في نحو آخر من الوجود وذلك لان حقيقة المادة في ذاتها حقيقة مبهمة جنسية شانها الاتحاد بمبادئ فصول متخالفة هي صور نوعية فكما ان كل حصه من الجنس إذا عدمت عدم معها الفصل المحصل لها وكذا عدم ذلك الفصل عدمت تلك الحصة الجنسية التي يتحد معها ويتقوم بها نوعا فكذلك حال كل نفس نسبتها إلى البدن الخاص بها في الملازمة بينهما في الكون والفساد فان النفس من حيث هي نفس هو بعينها صوره نوعية للبدن وعلة صورية لماهية النوع المحصل النفساني والبدن بما هو بدن مادة للنفس المتعلقة به