إلى العلوم الرسمية (1) كما قال تعالى ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها الآية فحبسوا في سجون الظلمات فما أعظم عذابهم والإشارة إلى القسم الثاني قوله تعالى ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الاخر إلى قوله ولهم عذاب اليم وهؤلاء مرضى القلوب متألمو النفوس بالحقد والحسد والكبر والنفاق والعداوة والبغضاء والرعونة والرياء وهم أهل الكيد والنفاق والغدر والخداع والشقاق والمكر والحيلة وقد يكون لهم مع ذلك آراء باطله واعتقادات فاسده ونعوذ بالله إذا حفظوا مع شراره النفس أقوالا شرعية وعلوما ناموسية جعلوها من أسباب الترفع والرئاسة بادعائهم الايمان بالله وباليوم الاخر ولم يدخل في قلوبهم الايمان أصلا فهذه الأمراض النفسانية سواء كانت من باب الآراء والعقائد أم لا كلها مؤلمة للنفوس معذبة للقلوب ولكن الاعتقادات الردية والعلوم الفاسدة أشد تعذيبا وأكثر ايلاما للنفوس فإنها نيرانات ملتهبة في نفوس معتقديها وحرقات مشتعلة في قلوبهم فإيلامها أشد من إيلام هذه النار الدنيوية كما ذكر الله تعالى بقوله نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة انها عليهم مؤصدة في عمد ممددة لأنها مع كونها في نفسها قبيحة مؤلمة منها ينشأ سائر المعاصي والسيئات الموجبة لتعذب النفوس إلى وقت معلوم فهاتان الشقاوتان (2) كلاهما شقاوة عقلية وسيأتي (3) شرح السعادة والشقاوة الحسيتين فيما بعد إن شاء الله تعالى.
والحاصل ان الشقاوة الأخروية اما بحسب ما يحصل لها من الهيئات البدنية من المعاصي الحسية الشهوية والغضبية واما بحسب ما يحصل لها من الهيئات النفسانية كالحسد والرياء والجحود للحق والانكار للعلوم الحقه الحقيقية فسبب