الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٢ - الصفحة ٣٥٤
غيرها بعد تسويغ ذلك أولا وهو مستبين الفساد وقس عليه حال تكرر عدم شئ واحد بعينه.
فان قلت كثير من الحوادث الزمانيي كان معدوما ثم يوجد ثم ينعدم فيكون عدمان لذات واحده فإذا جاز ذلك في العدم جاز في الوجود أيضا كما اعترفت به.
قلت قد مر ان معنى عروض العدم لشئ ليس الا بطلانا صرفا للذات وليسيه محضه لها وليس في الواقع معروض يضم اليه أو ينتزع منه العدم بل العقل يعين ذاتا ويضيف اليه مفهوم العدم فلا يتعدد عند العقل الا بتكثر الملكات (1) فلا ذات قبل الوجود ولا بعده حتى يقال إنها واحده أو متعددة متماثلة وانما يضيف العقل نسبه العدم إلى ذات يختص وجوده بزمان معين قبل وجوده وبعد وجوده.
وحاصل كون الشئ كان معدوما قبل وجوده وسيكون معدوما بعد وجوده انحصار وعائه الوجودي وضيق استعداده عن الاستمرار والانبساط سابقا ولاحقا فالعدم ليس الا عدما واحدا لا يتصف بالذات بالسبق واللحوق بل انما يتصور العقل (2)

(1) وإذ لا ذات قبل ولا بعد وقد علمت أن تعدد العدم بتعدد الملكات فلا تعدد له س ره (2) وهذا هو المراد من العقل في قوله وانما كان ذلك التصور وهميا لأنه اخذ فيه الماهية المطلقة مكان الهوية لان نفس الماهية النوعية لزيد كانت ممكنه قبله وبعده لا ماهيته الشخصية لكن هذا هو المصحح لاطلاق العدم المقابل الماضوي والاستقبالي عند المتكلمين وغيرهم لان الشأنية أعم من شأنية الشخص والنوع إذ النوع تمام الذات المشتركة ولان الوهم طمع وترقب من تلك الهوية الدوام فجاء العدم وصار بزعمه بئس البدل في أغلب أوقات وجوده ولم يعلم أن كل موجود زماني مرهون بزمانه الخاص فلكل كتاب واجل.
وأيضا ان عدم الشئ نقيضه والوجود في زمان والعدم في زمان آخر ليسا نقيضين لعدم اتحاد الزمان فالعدمان السابق واللاحق لم يطردا وجود الواقعي ولا ماهية ولا هويه له في حال العدم حتى يكون العدم طاردا له ووجوده الواقعي قد طرد العدم فلا أفول في تجليه سبحانه ولا تغير في عمله ولا هلاكه في وجوده وقد ورد يا من لا ينقص من خزائنه شئ ومنشأ انتزاع الاعدام السابقة واللاحقة الوجودات السابقة واللاحقة وكون كل وجود مظهرا للأحد الذي ليس كمثله شئ وفي كل شئ له آية تدل على أنه واحد ولا عدم لوجود بما هو وجود بل كما ذكرناه في الحاشية السابقة لا ماهية للوجود فضلا عن الكم السيال فلا ماضي ولا آتى ولا أفول ولا دثور لأصل المعنى والوجود انما هي للصور والماهية بما هي ماهية فمن قصر نظره على الوجود والمعنى وغمض بصره عن الصور والماهيات لا يبقى عنده صباح ولا مساء لان النفس في غاية اللطافة إذا جعلت شيئا قبله توجهها ونصب عين بصيرتها تتزيى بزيه وتتصور بصورته معنى كان أو صوره س ره
(٣٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 ... » »»
الفهرست