بل يكون واجبا بنفسه أوليا بينا عند العقل بذاته كالقول بان الشئ شئ (1) وان الشئ ليس بنقيضه وان النقيضين لا يجتمعان ولا يرتفعان في الواقع وعن الواقع فكذلك القول في باب التصور فليس إذا احتاج تصور إلى تصور يتقدمه يلزم ذلك في كل تصور بل لا بد من الانتهاء إلى تصور يقف ولا يتصل بتصور سابق عليه كالوجوب والامكان والوجود فان هذه ونظائرها معان صحيحه مركوزة في الذهن مرتسمة في العقل ارتساما أوليا فطريا فمتى قصد اظهار هذه المعاني بالكلام فيكون ذلك تنبيها للذهن واخطارا بالبال وتعيينا لها بالإشارة من سائر المرتكزات في العقل لإفادتها بأشياء هي اشهر منها.
واما اثبات الوجود لموضوع هذا العلم اي الموجود بما هو موجود فمستغن عنه بل غير صحيح بالحقيقة لان اثبات الشئ لنفسه غير ممكن لو أريد به حقيقة الاثبات وخصوصا إذا كان ذلك الشئ نفس الثبوت فان الثابت أو الموجود أو غيرهما من المرادفات نفس مفهوم الثبوت والوجود كما أن المضاف (2) بالحقيقة هو نفس الإضافة لا غيرها الا بحسب المجاز سواء كان الوجود وجود شئ آخر أو وجود حقيقته وذاته وهو بما هو هو اي المطلق لا يأبى شيئا من القسمين وليس يستوجب ببرهان ولا تبيين بضرورة ان الكون في الواقع دائما هو كون شئ فقط أو كون نفسه البتة بل البرهان والحس أوجبا القسمين جميعا الثاني كالوجود الذي لاسبب له والأول كالوجود الذي يتعلق بالأجسام فالوجود الغير المتعلق بشئ هو موجودية نفسه والوجود العارض هو موجودية غيره