التكليف المولوي، ولو كانت إرشادا إلى اللزوم، فهي تدفع تأثير الفسخ قهرا، واختيار أن الآية تورث وجوب الوفاء تكليفا، يوجب جواز نقضها بعد الزمان الأول، لسقوط الأمر بأول مصداقه، وهو خلاف مقصود المتكلم، فعليه يتعين حمل الهيئة على الارشاد، خلافا لمقتضى الأصل الأولي، بل والثانوي كما عرفت.
قلت أولا: لا نلتزم بشمول الآية لتلك العقود، حتى يلزم ما لزم، ويقال ما قيل.
وثانيا: كما أن فهم العقلاء في جانب النواهي بقاء النهي بالتخلف الأول، كذلك فهمهم في بعض الأوامر بقاؤه وإن أثم بأول مصداقه، أو أتى به.
مثلا: إذا قال المولى: وقروا كباركم (1) ليس معناه سقوط الأمر بأول التوقير، بل يجب ذلك في جميع الأزمان، ومثله قوله تعالى: (أوفوا بالعقود) (2) فإنه يلزم الوفاء ما دام العقد باقيا، وأما لزوم إبقاء الموضوع فلا يتكفل له الأمر بالوفاء به.
وهذا من الشواهد العرفية على عدم شمول الآية هذه الموارد، وتكون إشارة إلى العقود التي أمرها بيد الشرع الأقدس، ضرورة أن إيجاب الوفاء وتجويز الفسخ غير متلائمين عرفا، فيعلم منه خروجها رأسا، فتدبر جيدا.