فإنه بعد التأمل يظهر: أنها راجعة إلى العقود الخاصة، والعقود الكلية، لا العقود المالية والتجارية. وتوهم عدم صدق البيع مدفوع بالمراجعة إلى الاطلاقات العرفية واللغة.
ولو شك في إطلاقها، فالقدر المتيقن هي المعاطاة، دون العقود اللفظية، وهكذا لو شك في أنها جملة إنشائية، فإنه مع ذلك يعلم حلية البيع إجمالا، كما لا يخفى.
إن قلت: آية التجارة غير كافية، لأن المقصود حصول الملكية بالمعاطاة التي هي البيع، لا التي هي المعاملة الحديثة.
قلت: كونها ممضاة وصحيحة يعرف منها، وكونها بيعا يعرف من اللغة والعرف، فلو فرضنا قصور الآيتين عن تصحيح المعاطاة - لأجل أنها ليست عقدا، ولأجل أن الآية الكريمة الثالثة لا إطلاق لها، فلا تشمل المعاطاة - يكفي الآية الأولى.
اللهم إلا أن يقال: بأن هذه الآية ناظرة إلى اشتراط الرضا، والنهي عن الأكل بالباطل، وهو الأكل بلا رضا، ولا تعرض فيها لتصحيح التجارة وسببيتها للحلية. ويشهد لذلك النهي أولا عن الأكل، والاتيان ثانيا بالرضا، وثالثا بكلمة (منكم) فكأنها تورث شرطية الرضا فقط، لخروج الأكل من الباطل إلى الحق، ولا خصوصية للتجارة، فكون المعاطاة سببا مملكا أجنبي عنها.
إن قلت: لا يمكن الاستدلال لصحة المعاطاة بآية الوفاء، لأن موضوعها العقد الصحيح، لا الأعم. ويشهد له أن التخصيص فيها، لا يورث الفساد بوجود العقود الصحيحة غير اللازم الوفاء بها.