مع أن الله سبحانه قد صرح بأن الجزية ليست مجرد ضريبة، وإنما هي أكثر من ذلك حيث اعتبر أنه لابد من قتال هؤلاء الناس (حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون)، وهذا معناه أن هذه الجزية تستبطن الصغار والذل لأولئك الذين يستكبرون عن الحق، و يمتنعون عن الاستجابة له. قال تعالى: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) (1).
2 - لماذا التخفيف إلى هذا الحد من حدة الفوارق بين الإسلام والمسيحية، فهل الاختلاف بينهما - حقا - هو مجرد تنوع في بعض التصورات التفصيلية، حيث إن الإسلام يوافق على بعض تلك التصورات ولا يوافق على بعضها الآخر؟ أم أن الخلاف بينهما أعمق وأكبر، وأشد وأخطر؟!.
3 - لقد حاول البعض أن يستفيد من عدم ذكر القرآن للجزية إلا في سورة التوبة: أن القرآن يريد معالجة حالة كانت قائمة آنذاك، أي في المجتمع الأول للدعوة، محدودة بحدود الزمان والمكان. وعلى هذا الأساس لا بد أن يقف عند حدود النص القرآني، فلا يحمله أكثر مما يتحمل. بل يكون النص مجرد نقطة انطلاق للتشريع الذي تتكفله السنة النبوية، استنادا إلى أن التشريع يتسع لأكثر مما يتسع له النص.
فلا بد أن يترك الأمر في تكامل التشريع إلى السنة، وإلا لوقعنا في التأويل أو توسيع المعنى، بعيدا عن ظاهر اللفظ.
ونقول:
أ - إن هذا لو صح لوجب أن يجري بالنسبة لآية الخمس، وبالنسبة لآية صلاة الجمعة مع أنه يقول: إنها آبية عن التخصيص بزمان دون زمان، إلى غير ذلك من آيات كثيرة.
فلماذا لا يحمل كل تلك الآيات على أنها قد وردت لمعالجة حالة كانت قائمة في عصر الدعوة الأول؟.
ب - إن ما ذكره هذا البعض هنا فرارا عن الالتزام بالجزية، التي لابد أن يعطوها (عن يد و هم صاغرون).. يتناقض مع قوله الآخر: