بشري، حتى الإمامة فإنها عنده من المتحول، لأن النص لم يكن عنده صريح الدلالة بحيث لا مجال لاحتمال الخلاف فيه، ولا موثوق السند إلى درجة لا يمكن الشك فيه (1) فالإمامة إذن فكر بشري أيضا، لأنها بحاجة إلى الإجتهاد، وليست من البديهيات عند جميع المسلمين.
هذا كله عدا عن أن كلامه الآنف الذكر صريح في أنه يعتبر الحقيقة نسبية، فلا يستطيع أحد أن يدعي أنه يملك الحقيقة كلها، بل هو يملك منها بحسب ما يقتنع به من مقاييس الحقيقة..
فقد يكون أمر ما يمثل الحقيقة عند شخص، - بحسب تلك المقاييس - ويمثل الباطل عند آخر بحسب المقاييس التي يملكها ذلك الآخر أيضا.
ونحن قد ناقشنا هذه المقولات في كتابنا (لماذا كتاب مأساة الزهراء؟)، ونؤكد على القارئ الكريم أن يراجع ما كتبناه هناك..
غير أنا نذكر هنا بأن ما هو فكر إلهي عند هذا البعض، هو أمور يسيرة وعناوين محدودة جدا، عبر عنها في بعض كتاباته بالثابت، ويقابلها المتحول. فقال:
" إن من الثابت: التوحيد، والنبوة، والمعاد، ومسلمات الشريعة، مثل: وجوب الصلاة، والصوم، والجهاد، والحج، والزكاة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتحريم الزنا والسرقة، والخمر، والميسر، والنميمة، واللواط، والغيبة، وقتل النفس المحترمة، ونحوها مما لا يخرج عن دائرة العناوين العامة جدا، دون تفاصيلها، فإن التفاصيل تدخل في نطاق الاجتهادات الشخصية البشرية، غير الإلهية " (2).
وهو ما عبر عنه هذا البعض بالمتحول.
ويقول:
" المراد من الضروري الشيء البديهي الثابت بشكل طبيعي جدا، وعفوي جدا، من دون حاجة إلى الإستدلال بين المسلمين، مثل وجوب الصلاة، ووجوب الصوم، ووجوب الحج، ووجوب الزكاة، كما ذكرنا. أما تفاصيل الصلاة، وتفاصيل الصوم، أو الحج، أو الزكاة، فهذه أمور يختلف فيها المسلمون، ويحتاج فيها إلى أن يستدل بعضهم على بعض، ليثبت قناعته من خلال ذلك، وكل