ثم إن الأقوى هو القول الأول - أي القرعة - لكن بعد عدم المرجح لإحداهما، أما إذا كان مصب الدعوى هو العقد وقلنا: إنه من باب التداعي فواضح، وأما إذا جعلناه من المدعي والمنكر قلنا هو الأقوى من سماع بينة المنكر فيرجع إلى القرعة بينهما بعد فقد المرجحات، والمفروض أن المدعى به في الذمة لا في يد المنكر حتى تكون مرجحة لبينته فليس له إلا الأصل وهو لا يكون مرجحا. نعم لو كان مال الإجارة عينا خارجية مرددة بين الأقل والأكثر رجحت بينة من هي في يده من المؤجر أو المستأجر لاعتضادها بها، ثم بعد القرعة يحكم لمن خرج اسمه إذا حلف، وإلا فيحلف الآخر ويحكم له، وإن نكلا قسم الزائد بينهما.
(مسألة 3): إذا قال: آجرتك نصف الدار بعشرة إلى سنة مثلا. وقال الآخر: بل آجرتني تمام الدار كذلك. فهو عكس المسألة السابقة، إذ المؤجر هنا يدعي الأقل والمستأجر يدعي الأكثر فينعكس الحكم ويجري على كل منهما عكس ما جرى عليه في المسألة السابقة، وكذا إذا قال المؤجر: آجرتك الدار إلى شهر بكذا. وقال المستأجر: بل إلى شهرين. فإن المدعي للزيادة هو المستأجر.
وعلى هذا فعلى المختار في المسألة السابقة نقول هنا: إن لم يكن لواحد منهما بينة يكون المؤجر منكرا وعليه الحلف، وإن كانت لأحدهما قضي له، وإن أقام كل منهما بينة فالحكم القرعة مع فقد المرجحات، وعلى من خرج اسمه الحلف، وإن لم يحلف حلف الآخر، وإن نكلا قسمت الزيادة بينهما فيحكم للمستأجر بثلاثة أرباع الدار إلى سنة في الفرض الأول، وبشهر ونصف في الفرض الثاني، ولا يسقط من الأجرة شئ لأنها عشرة على القولين.
نعم لو كان النزاع أو رفعه بعد انقضاء المدة مع فرض تصرف