الحادي عشر: إذا شهدت إحدى البينتين بالملك في الحال وأخرى بالملك منذ سنة أو إحداهما بالملك منذ سنة وأخرى منذ سنتين، فالمشهور ترجيح السابق والأسبق، فالسبق عندهم من المرجحات، وعللوه بأنهما يتساقطان في الزمان المشترك وتبقى الأخرى في الزيادة بلا معارض ومقتضى الاستصحاب بقاؤه، وربما يتمسك بصحيح عبد الله ابن سنان السابق عن الصادق (عليه السلام) عن علي (عليه السلام): «أنه كان إذا اختصم إليه خصمان في جارية فزعم أحدهما أنه اشتراها وزعم الآخر أنه أنتجها وكانا أقاما البينة جميعا، قضى بها للذي انتجت عنده» (1).
ويمكن أن يقال: إن السبق رجحان في نظر العرف فيرجح به بينة الأسبق فلا يكون من باب التساقط والرجوع إلى الاستصحاب كما ذكر المشهور. وقد يقال بتساويهما، لأن المناط في الشهادة الملك في الحال، وهما متساويان فيه، فلا فرق بينه وبين المطلقتين أو المؤرختين بتاريخ واحد. ويظهر من بعضهم (2): الفرق بين شهادة إحداهما بالسبق والأخرى بزمان متأخر من غير ذكر الشراء من الأول، وبين ما لو شهدت بأنه اشتراها منه، ففي هذه الصورة تقدم المتأخرة، لأنها لما صرحت بالشراء علم أنها اطلعت على ما لم تطلع عليها الأخرى، لأنها وإن شهدت بأنها ملكه منذ سنة إلى الحال إلا أنها لعلها لم تعلم بمزيل في المدة.
ثم إنهم قالوا: هذا إذا لم يكن المدعى به في يد أحدهما، وأما إذا كان في يد أحدهما، فإن قلنا بعدم سماع بينة الداخل فالعمل على بينة الخارج مطلقا سواء كانت أسبق تاريخا أو لا، وإن قلنا بسماعها أيضا ففيه وجوه: تقديم الأسبق منهما ترجيحا للسبق، وتقديم الداخل