الصورة الثالثة: أن ينفي عن نفسه ويقول: لا أعرف مالكه. وحينئذ يحكم بعدم ملكيته وكونه مجهول المالك، لكن لا يؤخذ من يده لاحتمال كونه وديعة عنده أو عارية أو لقطة أو نحو ذلك، مما يجب أن يقر في يده. نعم لو قال: إنه حين وقع في يدي ما كنت أعرف صاحبه يكون من المجهول المالك الراجع أمره إلى الحاكم الشرعي، وللمدعي تحليفه إذا ادعى عليه العلم بأنه له إذا لم يكن عنده بينة، وأما معها فلا إشكال في استحقاقه الأخذ بعد إقامتها وحكم الحاكم.
الصورة الرابعة: أن يقول: ليس لي ولا لك. ولم يبين أنه لمن هو. وقال:
لا أسمي مالكه. وحينئذ ربما يقال: إن الحاكم ينتزع منه ويحفظه إلى أن يظهر مالكه وترتفع الخصومة منه. وعلل بأن مقتضى نفيه عن نفسه وعدم بيانه لمالكه صيرورته مجهول المالك (1) وحكمه ما ذكر، ولكن لا وجه له، إذ مجرد عدم بيان مالكه وعدم علم المدعي والحاكم لمالكه لا يكفي في صدق كونه مجهول المالك، فيجب إبقاؤه في يده، لاحتمال كونه وديعة أو عارية أو نحوهما، ويقبل منه لو عين المالك بعد هذا. وللمدعي أن يحلفه على عدم علمه بأنه له إذا لم يكن له بينة على أنه له، وهل الحاكم أن يلزمه ببيان مالكه؟ الظاهر - كما اعترف به جماعة (2) - ذلك، لأنه من تتمة جواب المدعي، وقد مر سابقا أن المدعى عليه يلزم بالجواب بعد طرح الدعوى معه، مع أن تركه في معرض تفويت حق المدعي، خصوصا إذا لم يدع علم المدعى عليه بأنه له حتى يتمكن من