(مسألة 4): إذا رجع ذو اليد عن إقراره للغير، وادعى أن ما في يده لنفسه لم يسمع منه، ولو أقر لغير من أقر له أولا ضمن عوضه له، لأنه صار لمن أقر له أولا فبإقراره أتلف على الثاني ماله. هذا كله إذا صدقه المقر له، وأما إذا كذبه وقال: ليس لي. فيلحقه حكم مجهول المالك ويأخذه الحاكم الشرعي منه، لأنه نفاه عن نفسه بإقراره، ولم يدخل في ملك المقر له لإنكاره. وأما احتمال تركه في يده لبطلان إقراره بتكذيب المقر له فكأنه لم يقر للغير، فلا وجه له، لأن إقراره إنما بطل بالنسبة إلى ملكية المقر له لا بالنسبة إلى نفيه عن نفسه، كما أنه لا وجه لاحتمال دفعه إلى المدعي بلا بينة ولا يمين لعدم المعارض له، وذلك لأن الحاكم الشرعي معارض له، لأنه مال بلا مالك وأمره راجع إليه، ومورد الدعوى بلا معارض ما لم يكن في يد من ينفيه عن المدعي.
الصورة الثانية: أن ينفي عن نفسه وقال: إنه لفلان الغائب. ويلحقه حكم الدعوى على الغائب، وحينئذ فإن أقام المدعي بينة دفع إليه بلا كفيل أو معه على القولين، ويكون الغائب على حجته، وإلا فيترك في يد المدعى عليه إلى أن يحضر الغائب فيترافع معه. نعم له الدعوى عليه إن ادعى علمه بأنه له، وإذا حضر الغائب له أن يترافع معه أيضا لأخذ نفس العين، فإن أثبت وأخذها رد على المدعى عليه ما أخذه منه.
(مسألة 5): إذا ادعى المدعى عليه الوكالة عن الغائب الذي أقر له بما في يده، وأقام بينة على أنه له سمعت منه بناء على سماع البينة بدعوى الوكالة، وحينئذ يسقط عنه حق الحلف للمدعي، لكن لا يحكم بملكيته للغائب إلا إذا صدقه في وكالته بعد حضوره، وإلا فاللازم تجديد المرافعة معه. وكذا إذا ادعى الإجارة من الغائب أو الارتهان منه وأقام بينة على أنه له، فإنه يسقط عنه حق الحلف للمدعي ولا يحكم بملكية الغائب، ففائدة سماع البينة سقوط دعوى المدعي وحق تحليفه.