البينة في المقام كما في سائر المقامات ونمنع عدم حجية بينة النفي إذا كان كلامهم ظاهرا في الاطلاع على الانتفاء، لا للاعتماد على الأصل، فشهادة البينة بالإعسار ظاهرة في الجزم به، وعدالتهم تمنع عن إظهار الجزم بالنفي مع كونهم معتمدين على الأصل، مع أن الإعسار وإن كان أمرا عدميا إلا أن له جهة وجود نظير الفقر، ولم يعتبروا في الشهادة بالفقر الاطلاع على باطن أمره. هذا، مع أن الشهادة بالتلف أيضا يمكن أن تكون مبنية على الغفلة عن مال آخر غير ما هو معهود عندهم أو على أصالة عدم غيره، وأيضا البينة إن كانت حجة فلا وجه لضم اليمين، بل هي كافية في غير الدعوى على الميت بالدليل الخاص، وإن لم تكن حجة فلا محل لليمين لأنه ليس وظيفة المدعي.
وأما توجيه صاحب الجواهر، لكلام الجماعة بما حاصله: أن بينة الإعسار بينة نفي لرجوعها إلى عدم الملك المحتمل أن يكون للاعتماد على الأصل المفروض انقطاعه بالعلم بمال له في السابق، وأن يكون من جهة الاطلاع على التلف، ومع الصحبة المتأكدة يقوى الاحتمال الثاني فيقوى جانب الإعسار ويكون بمنزلة الظاهر، فيكون قول مدعي الإعسار موافقا للظاهر، ويكون منكرا لقوة جانبه بالظهور فضم اليمين حينئذ من هذه الجهة، إذ هي تتبع من قوي جانبه بالأصل أو الظاهر لا أن يكون مدعيا، ومع ذلك يحتاج إلى اليمين كما في اليمين الاستظهاري في الدعوى على الميت، فهذا هو الفارق بين بينة التلف وبينة الإعسار (1). ففيه ما لا يخفى.
ثم إنه قد ظهر مما ذكرنا أن بينة الإعسار أولى بعدم الحاجة إلى ضم اليمين من بينة التلف، ولذا حكي عن التذكرة عكس ما ذكره الأكثر