نعمة من المسلم لهم عند الأساطين وقد سمعت من حجة الاسلام الشيخ محمد حسن آل يس الكاظمي طاب ثراه ثناء عظيما بالنسبة إلى الشيخ عبد الله نعمة وهو صاحبه وشريكه في الدرس وكان له معه اخوة خاصة وبالجملة كان هذا الشيخ الجليل في تلك البلاد مجهول القدر مع ذلك اه.
يقول المؤلف المقدار الذي يسعه ما عون جبل عامل قد امتلأ من معرفة فضل الشيخ وجلالة شانه وجبل عامل بلاد الزهد والقناعة والتقشف للعلماء وإذا نظرنا إلى أن المحقق الشيخ علي بن عبد العالي الميسي وتلميذه الشهيد الثاني كانا ينقلان الحطب ليلا على حمار لهما ولتلاميذهما وان الشهيد الثاني كان يحرس الكرم ويشتغل بالتجارة في الشريط ويذهب مع جمالة أهل جبل عامل كأحدهم إلى الأماكن البعيدة لبيع سلعته وان الشيخ محمد علي عز الدين الفقيه المجاهد المعروف يقضي جملة من وقته على البيدر وينظر في أمر الزراعة والفلاحة ويتجر، إلى غير ذلك ما لا يمكن احصاؤه ونظرنا إلى أن المجلسي كانت جواريه التي في المطبخ تلبس شالات الترم التي تساوي مئات التوامين وعلماء إيران والهند وغيرهم لهم الخدم والحشم ويسكنون القصور وفسيح الدور علمنا أن الشيخ عبد الله نعمة لم يكن مجهولا في جبل عامل وان ما عون جبل عامل قد امتلأ بمعرفة علمه وفضله وجلالة قدره.
مشائخه قرأ أولا على الشيخ حسن القبيسي العاملي في الكوثرية ثم ذهب إلى العراق فتلمذ على الشيخ علي ابن الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء كما عرفت وتلمذ على الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر وتلمذ في جبل عامل على أساتذة لم تحضرنا أسماؤهم وكذلك في العراق غير من ذكر.
تلاميذه له تلاميذ كثيرون منهم الشيخ محمد علي آل عز الدين والشيخ على السبيتي والشيخ مهدي شمس الدين والشيخ علي الحر والشيخ عبد السلام الحر والشيخ حسن بن سعيد الحر والشيخ محمد حسين المحمد الجبعي المعروف بالحر والشيخ محمد سليمان الزين واخوه الشيخ أبو خليل الزين وأعمامنا السيد مهدي والسيد عبد الله والسيد محمود وجدنا الشيخ محمد حسين فلحة الميسي وغيرهم.
مؤلفاته له رسالة صغيرة في الطهارة وتعليقات على قواعد العلامة.
موقفه في فتنة الستين جاء في كتاب مجمع المسرات تاليف الدكتور شاكر الخوري:
انه في حادثة الستين التي كانت بين الدروز والنصارى سنة 1860 م الموافقة 1277 ه: انه عمل معروفا مع النصارى لا يقدر. وتفصيل هذا الذي أشار إليه الدكتور الخوري هو ان المترجم آوى جماعة منهم في داره وأكرمهم ولكن أهالي الشوف لما علموا بوجودهم في جبع هجموا عليها ودخلوا دار الشيخ عبد الله نعمة وفتكوا بمن التجأ إليها ونهبوا داره. ولما جاء فؤاد باشا من استانبول لقمع هذه الفتنة وعمل مجلسا فوق العادة وكان علي بك الأسعد أمير جبل عامل من أعضائه وجاء علي بك إلى دمشق مع ألف خيال من رجاله جاء الشيخ عبد الله نعمة إلى دمشق يطالب بمنهوباته ودخل مجلس فؤاد باشا وفيه علي بك فاجله علي بك كثيرا وعرف به فؤاد باشا الا انه لم يرجع له شيئا من منهوباته ولا عوض عنها فذهب إلى استانبول فلم يستفد شيئا ولكن جماعة من الإيرانيين فيها جمعوا له مبلغا من المال لما علموا بالحال.
ثم قال الدكتور الخوري: ان مشايخ المتأولة عملت كل معروف مع النصارى وكانوا يصرفون من أموالهم الخاصة عليهم فلذلك يلزم أن تكون النصارى مدينة بالمعروف والجميل لهم ولا ينسوا حسين بك الأمين والشيخ فضل وولده حسن بك والشيخ علي الحر والشيخ عبد الله نعمة من جباع إلى اخره ولا أولادهم إلى من يأتي من نسلهم فيما بعد.
شعره له عدة قصائد ومقطعات منها قوله:
لي الله كم يممت نجدا وتلعة * وكم روضت عيني محول المرابع خليلي هل قلب يباع فإنني * فقدت فؤادي بين تلك الأزارع وهل وقفة تشفي الغليل ونظرة * وإن كان حتفي من بروق لوامع وهل قائل للصب بشرى بعودة * تبوخ بها نار الجوى من أضالعي وقوله:
دعها تشن إلى العلى غاراتها * حتى تقوم على ربا كوفان اخوان صدق لو نزلت بحيهم * فاحت عليك روائح الاخوان ومن قصيدة نظمها في مهجره يحن فيها إلى وطنه جباع:
رعى الله طودا فد نشأت بظله * وحياه من صوب الغمام بنافع فان به داري ومنزل جيرتي * وملعب اترابي وروض مراتعي لقد برح الشوق الملح بناظري * وأذكى لهيبات الغضا في أضالعي أبى الوجد الا ان يبيض ناظري * كما أبيض فودي واستصمت مسامعي وما انا ان شط المزار بذاهل * عن الود حتى تحتويني مصارعي تروم اتصالا بالحبيب وبيننا * مهامه بيد لا ترق لضارع أ أنسى رياض الحي وهي مريعة * وشادي العلا يشدو بتلك المجامع وأنسى ظباء الحي وهي أوانس * تلوذ بظبي مسفرات البراقع عسى نفحة تسري إلى الحي بكرة * فيصبح ممطور الثرى بمدامعي فيا برق يمم سفح لبنان قاصدا * ربوع أحبائي الكرام وسارع وبلغ سلامي في السفيح لمعشر * هجرت لهم بعد الفراق مضاجعي سقى الله أياما تقضت بعامل * فقد كان مسراها كوثب المسارع وقل لهم ذلك الكئيب الذي نأى * على رغمه عن عهده غير راجع وحدث حديثي للديار وأهلها * فان حديثي من غريب الوقائع لعل عيونا من صخور جوامد * تفور جوابا عن ديار بلاقع وله أيضا متذكرا أيام اجتماع التلامذة عليه:
إذا ذكرت نفسي زمانا تصرمت * لياليه بالدهنا وشملا تجمعا هتفت بهاتيك الصحاب كأنني * وليد تمنى بالعشية مرضعا