وأشكو، وتشكو، والحوادث جمة * وكل على عذر يروح ويغتدي تقول: لقد أودعتني الحتف ظالما * بصنعك فارضخ للعذاب المؤبد فقلت لها: كم علة قد لقيتها * بأنفاسك الحري فقري أو اجحدي سعالي، ضعفي، ضيق صدري، رعشتي * خفوق فؤادي، طول ليلي، فقالت: من الجاني على نفسه فقل * فأنت لي المردي بلا شك والردي وقال:
إذا جن ليلي ضاجعتني ضئيلة * من الهم في جنبي يعلق نابها أراشت هموم الدهر نحوي سهامها * وقد عز أن يمضي سليما مصابها فيا لك من قلب غريق بوجده * ويا لك من نفس سريع ذهابها وما زالت الأيام تجري بعكس ما * أرجيه والأيام تجري بعكس ما أرجيه والأيام صعب غلابها فما مزجت إلا بريق مواردي * وللغير يصفو وردها وشرابها أ أصبح فيها طعاما وقد انطوت * على غير ما تبدي إلى عيابها أعاتبها والذنب لا شك ذنبها * وما أن عسى يجدي علي عتابها وإني لحرب لليالي ولو غدا * لعاب الأفاعي القاتلات لعابها وقال راثيا المخترع العاملي كامل الصباح يوم نقل جثمانه من أمريكا إلى موطنه:
أيها المقيم رهن سباته * قم فناج الأثير عن مغمراته قد سبرت الفضاء سبرا دقيقا * وكشفت الدفين من غامضاته ثم أبرزتها على الأرض نورا * يستنير الظلام في لامعاته معجزا كنت في صنيعك حقا * بهر العالمين في آياته مرحبا زرت مسقط الرأس لكن * زورة أغرقته في عبراته كنت للشرق خير ما يرتجي الشرق * فسرت الخطير من نكباته وقال وقد وعده بعض الوجوه بثور وأخلف:
عمرت بأيكة ومعلف * وربطت طاروسا مكلف (1) ثم اكتريت أجيرة * غراء كالغصن المهفهف يا ظالمي كلفتني * فوق العنا باهم مصرف عودا شريت وسكة * وكذلك يفعل من تطرف وأمض من هذا وذا * نير به حنجول كتف (2) وبشرعة من وعدكم * حيكتها قد رحت ارسف (3) ليت الزناق يشد في * عنق الذي فيكم تعرف (4) و... البيور غاب * وزج مساس مشفشف وإذا وضعت العود اجمعه * فاني غير مسرف هذا جزائي إذ ركنت * لموعد منكم مسوف لو كنت قبلا لم تعد * ضنا لكان الضن أشرف وأظن أنك لا تفي * حتى يكون الثور خلف قسما بمجدك حلفة * وبغير مجدك لست أحلف إن عاد مرسالي ولم * يأت بثوركم المزلف واليت دين منيرة * وعصيت من لاحى وعنف ونحوت حيث نحت لعلمي * أنها أوفى وأرأف وقال وأرسلها في سجن بيروت إلى ولده في قرية مجدل سلم:
قف بالديار وحي الأربع الفيحا * واستنشق ألبان والقيصوم والشيحا وأعقل ركابك في اطلال مجدله * فلي بها أوجه تحكي المصابيحا ما إن تذكرتهم إلا بكيت دما * وازددت من أجلهم هما وتبريحا الموت أهون عندي من فراقهم * لو أستطيع لهذي النفس تسريحا يا نازلين محاني مجدل ذهبت * بالجسم أدواؤه فابقوا لنا الروحا أهتز مرتعشا إن مر ذكركم * لكنما كارتعاش الطير مذبوحا وقال يصف دخوله الغرفة الرابعة في السجن، وهو مع أشجانه لم تفارقه النكتة:
دخلت إلى الغرفة الرابعة * وعيني من أسف دامعة دخلت لها صبح يوم الخميس * ووردي بها سورة الواقعة ولما دخلت لها قطبت * كتقطيب زنجية جائعة وقالت وقد هالها موقفي * وباتت تخاطبني جازعه أراك دخلت بلا قائد * فأين قيودك والجامعة فقلت لها عمتي وحدها * من القيد في أرجلي مانعه فقالت بعرضي وديني معا * يمينا وبالذمة الواسعة بان الحكومة يا ويلتا * ه مدى الدهر طاساتها ضائعة فقلت لها ليس فوق الذي * أعانيه من نكبة واقعة حرمت النسيم ورؤيا النجوم * وأنوار شمس الضحى الساطعة فلا فرق ما بين أهل القبور سوى نفس دائر في الصدور * وآذان أشباحنا السامعة وعين ترى كل ما لا تحب * وأوجه خوف الأذى خاشعة ونار تصعد من أنفس * من ألهم ظمانة جائعة خطوب يبيدهم وقعها * وليس لوقعتها دافعه وله:
الناس ما بين سمار وعشار * يا للفضيحة عند الناس والباري مدوا حبائلهم في كل ناحية * كأنما أرسلت عن كف سحار وأضرموا بالقرى نارا مسعرة * فأهلكت في البرايا كل ديار إذا أتى زمن التعشير خلتهم * قطاط مسغبة حنت إلى فار ترى كبيرهم يسعى بهمته * على الكفالة من دار إلى دار لا در در أناس كلما نظروا * لبصقة حسبوها وجه دينار فقل لهم لا أقال الله عثرتهم * أهل لكم عند أهل الأرض من ثار كفوا يديكم فقد صارت بلادكم * بصنعكم بين طبال وزمار للقوت نسعى وأنتم في مضاجعكم * ما بين ناه بلا حق وأمار حتى إذا قبضت كف امرئ فلسا * أخرجتموه من الأيدي بمعصار وله وقد وعده أحد أصدقائه بشئ من التين: