منصور بطاعته فأتاها طواعية وأوفد على السلطان رسله بكتاب بيعته ثم وفد عليه ثانيا مع حاجبه الكاتب أبى عبد الله محمد بن أبي عمر وبعثه بالعساكر لتدويخ إفريقية وتمهيد ملكه ببجاية كما سنذكره ووفد عليه امراء القبائل والبدو ورؤساء النواحي سنة أربع وخمسين ووفد في جملتهم يوسف بن منصور أمير الزاب ويعقوب بن علي أمير البدو وسائر رؤساء الزواودة فلقاهم السلطان تكرمة ورعيا لا ذمة خلوصهم لأبيه وقومه من بين أهل إفريقية وأسنى جوائزهم وعقد ليوسف بن مزنى على الزاب وما وراءه من بلاد ريغه وواركلى على عادتهم وانقلب محبرا محبوا وقد ثبت له من ولاية السلطان ومخالصته حظ ورفع له ببساطه مجلس ولما نهض السلطان إلى إفريقية لافتتاح قسنطينة سنة ثمان وخمسين كما سنذكره تلقاه يوسف بن منصور على قسنطينة فخلطه بأوليائه ونظمه في طبقات وزرائه واستوحش يعقوب بن علي يومئذ من مطالبته بالرهن له ولقومه وانتقض فأجفلت احياؤه إلى بلاد الزاب وما وراءها من الصحراء وارتحل السلطان بعساكره في طلبهم إلى أن احتل ببلاد الزاب وخرب بلاد يعقوب بن علي بالزاب والتل بقطع أشجارها وتغوير مياهها وهدم بنائها ونسف آثارها ودخل يعقوب باحيائه الرمل وعجزوا السلطان فانكفأ راجعا واحتل بظاهر بسكرة فتلوم بها ثلاثا لإراحة العساكر وإزاحة عللهم من وعثاء السفر وشعث الصحراء ففرق يوسف بن منصور في قرى عساكره أيام مقامه يشملهم فيها من العلوفة والحنطة واللحمان والادم بما أرغد عيشهم وكفاهم همهم وتحدثت بها الناس دهرا ورفع إليه جبايته لعامه قناطير من الذهب بعثه بيت المال بقفصة القهارمة من ثقاته وأجزل السلطان مثوبته وأسنى عطيته واختصه بكسوة ثيابه وعياله من كسا حرمه وثياب قصره وانكفأ راجعا إلى حضرته ثم أوفد موسى بن منصور ابنه أحمد على السلطان بسدته من فاس عند منصرف وزيره سليمان بن داود من حركة إفريقية سنة تسع وخمسين وأصحبه هدية من عتاق الخيل وفاره الرقيق وأقام أياما في نزل كريم ومحل من المجلس رفيع إلى أن هلك السلطان خاتمة تسع وخمسين فأرغد القائم بالدولة من بعده جائزته وأسنى صلته وصرفه إلى عمله واستوصى به امراء النواحي والثغور في طريقه ولم ينشب ان شبت نار الفتنة وانتزى الخوارج بالجهات بعد مهلك السلطان فخلص إلى ابنه بعد عنائه وعلى يأس من النجاة بعد أن حصل في قبضة أبى حمو سلطان بنى عبد الواد عند استيلائه على تلمسان وهو بها مع بنى مرين وقد مر بهم مجتازا إلى وطنه فأجازه عليه صغير بن عامر من زغبة رعيا لا ذمة ابنه يوسف صاحب الزاب وتأميلا للعرب فيه وفى أعماله وبعد ان بذل له من ذات يده ومن طرف ما وصله به بنو مرين من ذخائرهم
(٤١١)