بها شؤون الملك فوقع اختياره على أبي محمد بن الشيخ أبى حفص ولم يكن ليعدوه لما كان عليه هو وأبو ه في دولتهم من الجلالة وأن أمر بنى عبد المؤمن انما تم بوفاق الشيخ أبى حفص ومظاهرته وان أبا ه المنصور كان قد أوصى الشيخ أبا محمد به وبإخوته وكان يوليه صلاة الصبح إذا حضره شغل وأمثال ذلك وسار الخبر بذلك إلى أبي محمد فامتنع وشافهه الناصر به فاعتذر فبعث إليه ابنه يوسف فأكرم موصله وأجاب على شريطة اللحاق بالمغرب بعد قضاء مهمات إفريقية في ثلاث سنين وأن يختار عليهم من رجالات الموحدين وأن لا يتعقب عليه في توليته ولا عزله فقبل شرطه ونودي في الناس بولايته ورفعت بين الموحدين رايته وارتحل الناصر إلى المغرب ورجع عنه الشيخ أبو محمد من بجاية فقعد مقعد الامارة بقصبة تونس في السبت العاشر من شوال سنة ثلاث وستمائة وأنفذ أوامره واستكتب أبا عبد الله محمد بن أحمد بن نخيل ورجع ابن غانية إلى نواحي طرابلس فجمع أحزابه واتباعه من العرب من سليم وهلال وكان فيهم محمد بن مسعود في قومه من الزواودة وعاودوا عيثهم وخرج إليهم أبو محمد سنة أربع وستمائة في عساكر الموحدين وتحيز إليه بنو عوف من سليم وهم مرداس وعلاق فلقيهم بشير فتواقعوا واحتربوا عامة يومهم ونزل النصر ثم انفض عسكر ابن غانية آخر النهار واتبعهم الموحدون والعرب واكتسحوا أموالهم وأفات ابن غانية جريحا إلى أقصامبرة ورجع أبو محمد إلى تونس بالظفر والغنيمة وخاطب الناصر بالفتح واستنجاز وعده في التحول عن الولاية فخاطبه بالتنكر والعذر بمهمات المغرب عن إدالته وأنه يستأنف النظر في ذلك وبعث إليه بالمال والخيل والكسي للانفاق والعطاء كان مبلغها مائة ألف ألف دينار ثنتان وألف وثمانمائة كسوة وثلثمائة سيف ومائة فرس غير ما كان أنفذ إليه من سبتة وبجاية ووعده بالزيادة وكان تاريخ الكتب سنة خمس فاستمر أبو محمد على شاته وترادفت الوقائع بينه وبين يحيى الميورقي كما نذكره ان شاء الله تعالى * (وقيعة تاهرت وما كان من أبى محمد في تلافيها واستنقاذ غنائمها) * كان يحيى بن غانية لما أفلت من وقيعة أشير بدا له ليقصدن بلاد زناتة بنواحي تلمسان وقارن ذلك وصول الشيخ أبى عمران بن موسى بن يوسف بن عبد المؤمن واليا عليها من مراكش وخروجه إلى بلاد زناتة لتمهيد أنحائه وجباية مغارمهم وكتب إليه الشيخ أبو محمد نذيرا بشأنه وأن لا يعرض له وانه في اتباعه فأبى من ذلك وارتحل إلى تاهرت وصبحه بها ابن غانية فانفض معسكره وقرب زناتة إلى حصن بها وقتل السيد أبو عمران واستبيحت تاهرت فكان آخر العهد بعمرانها وامتلأت أيديهم من الغنائم والسبي وانقلبوا إلى إفريقية فاعترضه الشيخ أبو محمد في موضع
(٢٧٨)