ويراوحه إلى أن امتنع ابن مزنى ورحل علي بن أحمد على بسكرة وصار مع ابن مزنى إلى الاتفاق والمهادنة أعوام الأربعين من المائة الثامنة ثم كانت غزاة القائد بن الحكيم إليه نهض من إفريقية بعد أن نازل بلاد الجريد واقتضى طاعتهم ومغارمهم واسترهن ولد ابن يملول ثم ارتحل إلى الزاب في جنوده ومعه العرب من سليم فأجفل بالزاب ونزل بلد أو ماش من قراه وفرت العرب من الزواودة وسائر رياح أمامه ودافعه يوسف بن مزنى بهدية دفعها إليه وهو بمكانه من أو ماش وارتحل عنه إلى بلاد ريغة فافتتح معقلهم واستباحها ودوخ سائر اعمالها ورجع إلى تونس ونكب السلطان قائده محمد بن الحكيم هذا سنة أربع وأربعين وولى ابنه أبا حفص عمر وخشى الحاجب أبو محمد بن تافراكين بادرته وسعاية بطانته فلحق بملك المغرب المرهوب الشبا المطل على الممالك يعسوب القبائل والعشائر أبى الحسن وأغراه بملك إفريقية واستجره إليها فنهض في الأمم العريضة سنة ثمان وأربعين كما ذكرنا ذلك كله من قبل ووفد عليه يوسف بن منصور أمير الزاب بمعسكره من بنى حسن فلقاه برا وترحيبا واستتبعه في جملته إلى قسنطينة ثم عقد له على الزاب وما وراءه من قرى ريغة وواركلى وصرفه إلى عمالته واستقبل تونس وأمره برفع الجباية إليه مع العمال القادمين من أقصى المغرب على رأس العدل فاستعد لذلك حتى إذا سمع بوصولهم من المغرب لحقهم بقسنطينة وفجأهم هنا لك جميعا الخبر بنكبة السلطان على القيروان كما ذكرناه ونذكره فاعتزم على اللحاق ببلده واعصوصب عليه يعقوب بن علي بن أحمد أمير البدو بالناحية الغربية من إفريقية لأدمة صهر كانت بينهما ومخالصة وتحيز إليهم من كان بقسنطينة من أولياء السلطان وحاشيته وعماله ورسل الطاغية والسودان الوافدين مع ابنه عبد الله من أصاغر بنيه وآواهم يوسف بن منصور جميعا إليه وأنزلهم ببلده وكفاهم مهماتهم شهورا من الدهر حتى خلص السلطان من القيروان إلى تونس ولحقوا به مع يعقوب بن علي فكانت تلك يدا اتخذها يوسف بن منصور عند السلطان أبى الحسن ولقيه باقي الأيام ثم اتبع ذلك بمخالفة رؤساء النواحي من إفريقية جميعا في الانتقاض عليه وأقام مستمسكا بطاعته يسرب الأموال إليه بتونس وبالجزائر عند خلوصه إليها من النكبة البحرية كما سنذكره ويدعو له على منابره بعد تفويضه على الجزائر إلى المغرب الأقصى لاسترجاع ملكه إلى أن هلك السلطان أبو الحسن بجبل هنتاتة من أقصى المغرب سنة ثنتين وخمسين واستقام أمر الدولة المرينية لابنه السلطان أبى عنان الحية الذكر ولما استضاف إلى ملكه ملك تلمسان ومحاما جدده بنو عبد الواد بها من رسوم ملكهم وجمع كلمة زناتة وأطل على البلاد الشرقية سنة ثلاث وخمسين بادر يوسف بن
(٤١٠)