حزم وتجافلهم إلى جبل سنوه فنازلهم حماد أياما وعقد لهم السلم على أن يحارب الأندلس فلحقوا إلى عامر سنة احدى وتسعين وثلثمائة وهلك زيرى بن عطية المغراوي لتسع أيام من مهلك ماكس وأقفل باديس عمه حمادا على حضرته ليستعين به في حروب فلفول فاضطرب المغرب لقفوله وأظهرت زناتة الفساد وأضروا بالسابلة وحاصروا المسيلة وأشير فسرح إليهم باديس عمه حماد اخرج على اثره سنة خمس وتسعين متحسب ودوخ حماد المغرب وأثخن في زناتة واختط مدينة القلعة ثم طلب منه باديس أن ينزل على عمل يتجس وقسنطينة واختيار النغاغية فأبى وأظهر الخلاف وبعث إليه أخاه إبراهيم فأقام معه وزحف إليهم باديس ثم رحل في طلبه إلى شلف ونزع إليه بعض العساكر ودخل في طاعته بنو توجين وحازوا في مدده ووصل أميرهم عطية بن دافلين وبدر بن أغمان بن المعتز فوصلها وكان حماد قبل دافلين ثم نزل باديس نهر واصل وانثنى حماد راجعا إلى القلعة واتبعه باديس ونازله بها وهلك بمعسكره عليها سنة ست وأربعمائة فجأة وهو نائم بين أصحابه بمصرية فارتحلوا راجعين واحتملوا باديس على أعواده * (دولة المعز بن باديس) * ولما بلغ الخبر بمهلك باديس بويع ابنه المعز لثمان سنين ووصل العسكر فبايعوه البيعة العامة ودخل حماد المسيلة وأشير واستعد للحرب وحاصر بإعانة وبلغ الخبر بذلك فزحف المعز إليه وأفرج عن بإعانة ولقيه فانهزم حماد وأسلم معسكره وتقبض على أخيه إبراهيم ونجا إلى القلعة ورغب في الصلح فاستجيب على أن يبعث ولده وانتهى المعز إلى سطيف وقصر الطين وقفل إلى حضرته ووصل إليه القائد بن حماد بعمل المسيلة وطبنة والزاب وأشير وتاهت وما يفتح من بلاد المغرب وعقد للقائد بن محمد على طبنة والمسيلة مقره ومرسي الدجاج وسوق حمزة وزواوة وانقلب بهدية ضخمة ورفعت أوزارها من يومئذ واقتسموا المظلة والتحموا بالاصهار وافترق ملك صنهاجة إلى دولتين دولة إلى المنصور بن بلكين أصحاب القيروان ودولة إلى حماد بن بلكين أصحاب القلعة ونهض المعز إلى حماد سنة ثنتين وثلاثين فحاصره بالقلعة مدة سنين ثم أقلع عنها وانكفأ راجعا ولم يعاود فتنة بعد ووصل راوي بن زيرى من الأندلس سنة عشر وأربعمائة كما ذكرناه في خبره فتلقاه المعز أعظم لقاء وسلم عليه راجلا وفرشت القصور لنزله ووصله بأعظم الصلات وأرفعها واستمر ملك المعز بإفريقية والقيروان وكان أضخم ملك عرف للبربر بإفريقية وأترفه وأبذخه نقل ابن الرقيق من أحوالهم في الولائم والهدايا والخبائز والأعطيات ما يشهد بذلك مثل ما ذكر ان عطية
(١٥٨)