المهدية جهز إليها الأسطول وشحنه بالمقاتلة والرجال وعين الموالى والخاصة فألفوها وقد رجعت إلى إيالة الحضرة ووصل إليها ابن الحكجاك وأقام بها وحسن غناؤه فيها إلى أن كان من أمره ما نذكر وأقام الأمير زكريا بقابس وأجلب به أبو العباس بن مكي على تونس ثم بعثوه بالزواودة ونزل على يعقوب بن علي وأصهر إليه في ابنة أخيه سعيد فعقد له عليها ولما استولى أخوه أبو اسحق على بجاية استعمله على سدويكش والله تعالى أعلم * (الخبر عن استيلاء السلطان أبى اسحق على بجاية وإعادة الدعوة الحفصية إليها) * لما رجع السلطان أبو عنان من قسنطينة إلى المغرب أراح بسبتة وسرح عساكره من العام المقبل إلى إفريقية لنظر وزيره سليمان بن داود فسار في نواحي قسنطينة ومعه ميمون بن علي بن أحمد أديل به من يعقوب على قومه من الزواودة وعثمان بن يوسف ابن سليمان شيخ أولاد سباع منهم وحضر معهم يوسف بن مرى عامل الزاب أوعز إليه السلطان بذلك فدوخ الجهات وانتهى إلى آخر وطن بونة واقتضى المغارم ثم انكفأ راجعا إلى المغرب وهلك السلطان أبو عنان اثر قفوله سنة تسع وخمسين واضطرب المغرب ثم استقام على طاعة أخيه السلطان أبى سالم كما نذكره وكان أهل بجاية قد نقموا على عاملهم يحيى بن ميمون من بطانة السلطان أبى عنان سوء ملكته وشدة سطوته وعسفه فداخلوا أبا محمد بن تافراكين على البعد في التوثب به فجهز إليهم السلطان أبو اسحق ما يحتاج إليه من العساكر وتلقاهم يعقوب بن علي وظاهرهم على امرهم وسار أخوه أبو دينار في جملتهم ولما أطلق على بجاية ثارت الغوغاء بيحيى بن ميمون العامل كان عليهم منذ عهد السلطان أبى عنان فألقى بيده وتقبض عليه وعلى من كان من قومه وأركبوا السفين إلى الحضرة وأودعهم أبو محمد بن تافراكين سجونه تحت كرامة وجراية إلى أن من عليهم من بعد ذلك وأطلقهم إلى المغرب ودخل السلطان أبو اسحق إلى بجاية سنة احدى وستين واستبد بها بعض الاستبداد وحاجبه وكافله أبو محمد يدبر أمره من الحضرة ثم استقدم ابنه ونصب لوزارة السلطان أبى محمد عبد الواحد بن محمد بن اكما قرى من مشيخة الموحدين فكان يقيم له رسم الحجابة وقام بأمر الرجل بالبلد من الفوغاء علي بن صالح من زعانفة بجاية وأوغادها التفت عليه الثوار والدعار وأصبحت له بهم شوكة كان له بها تغلب على الدولة إلى أن كان من أمره ما نذكره ان شاء الله تعالى والله اعلم * (الخبر عن فتح جربة ودخولها في دعوة السلطان أبى اسحق صاحب الحضرة) * هذه الجزيرة من جزر هذا البحر الذي هو قريب من قابس إلى الشرق عنها قليلا
(٣٧٣)