لبيت وتسامعوا بخبر الأمير أبى حفص بمكانه من قلعة سنان فرحلوا إليه وأتوه ببيعتهم في ربيع سنة ثلاث وثمانين وجمعوا له شيئا من الآلة والأخبية وقام بأمره أبو ليل بن أحمد أميرهم وبلغ الخبر إلى الدعي فداخلته الظنة في أهل دولته وتقبض على أبي عمران ابن ياسين شيخ دولته وعلى أبى الحسن بن ياسين وابن وانودين وعلى الحسن بن عبد الرحمن يعسوب زناتة فامتحنهم واستصفى أموالهم ثم قتلهم آخرا وتوجع لهم الناس واضطرب أمر الدعي إلى أن كان ما نذكره انتهى {الخبر عن خروج الدعي ورجوعه واستيلاء السلطان أبى حفص على ملكه وغلبه ومهلكه} لما ظهر السلطان أبو حفص وبايعه العرب تسامع به أهل الحضرة واجتمع إليه الناس وأوقع الدعي بأهل الدولة فمقتوه وخرج من تونس يريد قتاله فأرجف به أهل العسكر ورجع منهزما ودخلت البلاد في طاعة السلطان أبى حفص ونهض إلى تونس فنزل بسحوم قريبا منها وعسكر الدعي بظاهر البلد تجاهه وطالت بينهما الحرب أياما والناس كل يوم يستوضحون خب ء الدعي ومكره إلى أن تبرؤا منه وأسلموه ورحل من مكان معسكره ولاذ بالاختفاء ودخل السلطان البلد في ربيع الآخر سنة ثلاث وثمانين واستولى على سرير ملكه وطهر من الدنس قاصيه ودانيه واختفى الدعي بتونس وغاص في لجة ساكنيها وأحاط به البحث فعثر عليه لليال من مدخل السلطان بدور بعض السوقة يعرف بأبي قاسم القرمادى فهدمت لحينها ونزل إلى السلطان فأحضر له الملا ووبخه وساء له فاعترف بادعائه في نسبهم فأمر بامتحانه وقتله وذهب في غير سبيل مرحمة وطيف بشلوه ونصب رأسه وكان عبد الله بن يغمور المباشر لقتله وكان خبره من المثلات واستبد السلطان بملكه وتلقب المستنصر بالله وبادر الناس إلى الدخول في طاعته وبعث أهل القاصية ببيعتهم من طرابلس وتلمسان وما بينهما وعقد للشيخ أبى عبد الله الفازازى على عساكره على الحروب والضاحية وأقطع البلاد والمغارم للقرب رعيا لذمة قيامهم بأمره ولم يكن لهم قبلها اقطاع وكان الخلفاء قبله يتحامون عن ذلك لا يفتحون فيه على أنفسهم بابا وأقام متمتعا في ماله وفى حضرته إلى أن كان ما نذكر ان شاء الله تعالى كان من أعظم الحوادث تكالب العدو في أيام هذا السلطان على الجزر البحرية فاستوت أساطيلهم على جزيرة جربة في رجب من سنة ثمان وثمانين ورياستها يومئذ من محمد بن مهو من شيخ الوهبية ويخلف بن امغار شيخ النكازة وهما فرقنا الخوارج وزحف إليها المراكيا صاحب صقلية نائبا عن العدريك بن البريدا كون ملك برشلونة
(٣٠٥)