فيتخطفون منها ما قدروا عليه ويصادمون ما يلقون من أساطيل الكفرة فيظفرون بها غلبا ويعودون بالغنائم والسبي والأسرى حتى امتلأت سواحل الثغور الغربية من بجاية بأسراهم تضبح طرق البلاد بضجة السلاسل والأغلال عندما ينتشرون في حاجاتهم ويغالون في فدائهم بما يتعذر منه أو يكاد فشق ذلك على أمم الفرنجة وملا قلوبهم ذلا وحسرة وعجزوا عن الثارة به وصرخوا على البعد بالشكوى إلى السلطان بإفريقية فصم عن سماعها وتطارحوا سهمهم ونكلهم فيما بينهم وتداعوا لنزول المسلمين والاخذ بالثار منهم وبلغ خبر استعدادهم إلى السلطان فسرح ابنه الأمير أبا فارس يستنفر أهل النواحي ويكون رصدا للأسطول هنا لك واجتمعت أساطيل جنوة وبرشلونة ومن وراءهم ويجاورهم من أمم النصرانية وأقلعوا من جنوة فحطوا بمرسى المهدية منتصف ثنتين وتسعين وطرقوها على حين غفلة وهو على طرف البر داخل في البحر كأنه لسان دالع فأرسوا عندها وضربوا عند أول الطرق سورا من الخشب بينه وبين البر حتى صار المعقل في حكمهم وعالوا عليه بالأبراج وشحنوها بالمقاتلة ليتمكنوا من قتال البلد ومن يأتيهم من بلد المسلمين وصنعوا برجا من الخشب من جهة البرج يشرف على أسوار المعقل ليعظم نكايتهم وتحصن أهل البلد وقاتلوهم صابرين محتسبين وتوافت إليهم الامداد من نواحي البلد فحال بينهم الفرنجة وبلغ الخبر إلى السلطان فأهمه أمرها وسرح العساكر تترا إلى مظاهرتهم ثم خرج أخوه الأمير أبو يحيى زكريا وسائر بنيه فيمن حضره من العساكر فانطلقوا بجهاد هذا العدو واستنفر المقاتلة من الاعراب وغيرهم فاجتمعت بساحتها بينهم وبين المسلمين جولة جلا فيها أبناء السلطان وكاد الأمير أبو فارس منهم أن يتورط لولا حماية الله التي وقته ثم تداركت عليهم الحجارة والسهام والنفط من أسوار البلد فاحترق البرح المطل عليها من جهة البحر فوجموا لحريقه ثم ركبوا من الغد أسطولهم وأقلعوا إلى بلادهم وخرج أهل المهدية يتباشرون بالنجاة ويتنادون بشكر الأمراء على ما اعتمدوه في نصرهم ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وأمر الأمير أبو يحيى برم ما تثلم من أسوارها ولم ما تشعث منها وقفل إلى تونس وقد أنجح الله قصدهم وأظهرهم على عدوه وعدوهم والله تعالى ينصر من يشاء وهو القوى العزيز * (انتقاض قفصة وحصارها) * كان السلطان أبو العباس قد ولى على قفصة عندما ملكها ابنه الأمير أبا بكر وأقام في خدمته من رجال دولتهم عبد الله التريكي من موالي جدهم السلطان أبى يحيى
(٤٠٠)