* (الخبر عن استيلاء السلطان أبى البقاء على الحضرة وانفراده بالدعوة الحفصية) * لما بلغ السلطان أبا البقاء بمكانه من بجاية وأعمالها الخبر بمرض السلطان أبى عصيدة مع ما كان من العقد بينهما بأن من مات قبل صاحبه جمع الامر بعده للآخر داخلته الظنة أن ينتقض أهل الحضرة في هذا الشرط واعتزم على النهوض لمشارفة الحضرة ووصل إليه حمزة بن عمر نازغا عنهم فرغبه واستحثه وخرج من بجاية في عساكره وورى بالحركة إلى الجزائر لما كان من انتقاضهم على أبيه واستبداد ابن علان بها ثم ارتحل إلى قصر جابر وعند بلوغه إليه ورد الخبر بمهلك السلطان أبى عصيدة وبيعة الموحدين بعده لابي بكر بن عبد الرحمن بن أبي بكر ابن الأمير أبى زكريا فاضطغنها على الموحدين وأغذ السير وانحاش إليه كافة أولاد أبى اليل واجتمع أمثالهم أولاد مهلهل إلى صاحب تونس وخرج معهم شيخ الدولة أبو يعقوب بن يزدرتن والوزير أبو زنكن أبو عبد الله بن تبكن في العساكر للقاء ووقوا سلطانهم بأنفسهم فلما زحف إليهم السلطان أبو البقاء اختل مصافهم وانهزموا وانتهب المعسكر وقتل الوزير أبو زنكن وأجفلت أحياء العرب إلى القفر ودخل العسكر إلى البلد واضطرب الامر وخرج الأمير أبو بكر بن عبد الرحمن فوقف بساحة البلد قليلا ثم تفرق عنه العسكر وتسايلوا إلى السلطان أبى البقاء وفر أبو بكر ثم أدرك ببعض الجهات فمثل إلى السلطان فاعتقله وغزا بالسلطان أهل الحضرة من المشيخة والموحدين والفقهاء والكافة فعقدوا بيعته وقتل الأمير فسمى الشهيد آخر الدهر وباشر قتله ابن عمه أبو زكريا يحيى بن زكريا شيخ الموحدين ودخل السلطان من الغد إلى الحضرة واستقل بالخلافة وتلقب بالناصر لدين الله المنصور ثم استضاف إلى لقبه المتوكل وأبقى ابا يعقوب بن يزدرتن في رياسته على الموحدين مشاركا لابي زكريا يحيى بن أبي الاعلام الذي كان رئيسا عنده قبلها واستمر على خطة الحجابة أبو عبد الرحمن يعقوب بن عمر وولى على الاشغال بالحضرة منصور بن فضل بن مزنى وجرت الحال على ذلك إلى أن كان ما نذكره ان شاء الله تعالى * (الخبر عن بيعة ابن مزنى يحيى بن خالد ومصاير أموره) * كان يحيى بن خالد ابن السلطان أبى اسحق في جملة السلطان أبى البقاء خالد وتنكرت له الدولة لبعض النزغات فخشى البدار وفر فلحق بمنصور بن مزنى وكان منصور قد استوحش من ابن عمر فدعاه إلى القيام بأمره فأجاب وعقد له على حجابته وجمع له العرب وأجمع على قسنطينة أياما وبها يومئذ ابن طفيل وكانت قد اجتمعت ليحيى بن خالد زعنفة من الأوغاد اشتملوا عليه واشتمل عليهم وأغروه بابن مزنى فوعدهم إلى حين ظفره واطلع ابن مزنى على سوء دغلته فنفض يده من طاعته وانصرف عنه إلى بلده فانفضت جموعه
(٣٢١)