أعناقهم وفر يحيى بن غانية إلى مسقطه من الصحراء واستمرت على ذلك أحوال هذه القبائل من هلال وسليم واتباعها ونحن الآن نذكر أخبارهم ومصائر أمورهم ونعددهم فرقة فرقة ونخص منهم بالذكر من كان لهذا العهد بحيه وناجعته ونطوى ذكر من انقرض منهم ونبدأ بذكر الأثبج لتقدم رياستهم أيام صنهاجة كما ذكرناه ثم نقفى بذكر جشم لأنهم معدودون فيهم ثم نذكر رياحا وزغبة ثم المعقل لأنهم من أعداء هلال ثم نأتي بعدهم بذكر سليم لأنهم جاؤوا من بعدهم ولله الخلق القديم * (الخبر عن الأثبج وبطونهم من هلال بن عامر من هذه الطبقة الرابعة) * كان هؤلاء الأثبج من الهلاليين أوفر عددا وأكثر بطونا وكان التقدم لهم في جملتهم وكان منهم الضحاك وعياض ومقدم والعاصم والطيف ودريد وكرفة وغيرهم حسبما يظهر في نسبهم وفى دريد بطنان وعنز ويقولون بزعمهم ان أثبج هو ابن أبي ربيعة ابن نهنيك بن هلال فكرفة هو ابن الأثبج وكان لهم جمع وقوة وكانوا أحياء غزيرة من جملة الهلاليين الداخلين لإفريقية وكانت مواطنهم حيال جبل أوراس من سرقية ولما استقر أمر الأثبج بإفريقية على غلب صنهاجة على الضواحي ووقعت الفتنة بينهم وذلك أن حسن ابن سرحان وهو من دريد قتل شبانة بن الأحيمر من كرفة غيلة فطوت كرفة له على الهائم ثم إن أخته الجازية غاضبت زوجها ماضي بن مقرب بن قرة ولحقت بأخيها فمنعها منه فاجتمعت قرة وكرفة على فتنة حسن وقومه وظاهرتهم عياض ولم تزل الفتنة إلى أن قتل حسن بن سرحان قتله أولاد شبانة بن الأحيمر وثأروا منه بأبيهم ثم كان الغلب بعده لدريد على كرفة وعياض وقرة واستمرت الفتنة بين هؤلاء الأمالح وافترق أمرهم وجاءت دولة الموحدين وهم على ذلك الشتات والفتنة وكانت لبطونهم ولاية لصنهاجة فلما ملك الموحدون إفريقية نقلوا منهم إلى المغرب العاصم ومقدما وقرة وتوابع لهم من جشم وأنزلوا جميعهم بالمغرب كما نذكر واعتزت رياح بعدهم بإفريقية وملكوا ضواحي قسطينة ورجع إليهم شيخهم مسعود بن زمام من المغرب فاعتز الزواودة على الأمراء والدول وساء أثرهم فيها وغلبوا بقايا الأثابج فنزلوا قرى الزاب وقعدوا عن الطعن وأوطنوا بالقرى والآطام ولما نبذ بنو أبى حفص العهد للزواودة كما يأتي في أخبارهم واستجاش عليهم بنو سليم وأنزلوهم القيروان اصطنعوا كرفة من بطون الأثابج فكانوا حر بالرياح وشيعة للسلطان وأقطعتهم الدولة لذلك جباية الجانب الشرقي من جبل أوراس وكثيرا من بلاد الزاب الشرقية حيث كانت محلاتهم الشتوية حتى إذا اختل ريح الدولة وأخلقت جدتها واعتزت رياح عليها وملكوا
(٢٢)