انهزم أبو ضربة وانحل أمره استقدمه العرب وأجلبوا به على الحضرة سنة احدى وعشرين فملكها ستة أشهر ثم أجفل عنها عند رجوع السلطان إليها ولحق بطرابلس إلى أن انتقض عليه أهلها سنة أربع وعشرين وثاروا به وأخرجوه فلحق بالعرب وأجلبوا به على السلطان مرارا ينهزمون عنه في كلها ثم لحق بتلمسان واستقر بها عند أبي تاشفين في خير جوار وكرامة وجراية إلى أن وصل هذا الوفد إليه سنة تسع وعشرين فنصبه للامر بإفريقية وأمدهم بالعساكر من زناتة عليهم ليحيى بن موسى من بطانته وصنائع أبيه ورجع معهم عبد الحق بن عثمان بمن في جملته من بنيه وعشيرته ومواليه وحاشيته وكانوا أحلاس حرب وفتيان كريهة فنهضوا جميعا إلى تونس فزحف السلطان للقائهم وتراءى الجمعان بالرياس من نواحي هوارة آخر سنة تسع وعشرين فدارت الحرب واختل مصاف السلطان وفلت جموعه وأحيط به فأفلت بعد عصب الريق واصابته في حومة الحرب جراحة وهن لها وقتل كثير من بطانته وحاشيته كان من أشهرهم محمد المديوني وانتهب المعسكر وتقبض على أحمد وعمر ابني السلطان فاحتملا إلى تونس حتى أطلقهما أبو تاشفين بعد ذلك في مراسلة وقعت بينه وبين السلطان فاتحه فيها أبو تاشفين وجنح إلى السلم وأطلق الابنين ولم يتم شأن الصلح من بعد ذلك وتقدم ابن أبي عمران بعد الواقعة إلى تونس فدخلها في صفر سنة ثلاثين واستبد عليه يحيى بن موسى قائد بنى عبد الواد وحجب التصرف في شئ من أمره ثم عاد يحيى بن موسى إلى سلطانه أبى بكر من قسنطينة إلى تونس بعد أن استكمل الحشد والتعبية فأحفل ابن عمران عنها ودخل إليها السلطان في رجب من سنته إلى أن كان ما نذكره {الخبر عن مراسلة ملك الغرب في الاستجاشة على بنى عبد الواد وما يتبع ذلك من المصاهرة} كان السلطان أبو بكر لما خلص من واقعة الرياس نجا إلى بونة وركب منها البحر إلى بجاية وقد ضاق ذرعه بالحاح بنى عبد الواد على ممالكه وتجهيز الكتائب على ثغره وترديد البعوث إلى وطنه فأعمل نظره في الوفادة على ملك المغرب السلطان أبى سعيد ليذكره ما بين سلفه وسلفهم من السابقة وما لهم عند بنى عبد الواد فيأخذ بحجزتهم عند ثم عين للوفادة عليه ابنه الأمير أبا زكريا وبعث معه أبا محمد عبد الله بن تافراكين من مشيخة الموحدين لسان الخطابة ونجيا لشوراه وركبوا البحر من بجاية فنزلوا بمرسى غساسة واهتز صاحب المغرب لقدومه وأكرم وفادته واستبلغ في القرى والإجازة وأجاب دعاءهم إلى محاربة عدوهم وعدوه على شريطة اجتماع اليد عليها وموافاة السلطان أبى سعيد والسلطان أبى يحيى بعساكرهما تلمسان لموعد ضربوه لذلك وكان السلطان أبو
(٣٤٠)