وهران فرجعوا إليها سنة سبع وتسعين وأدخلوا بنى مسكن في ذلك فأجابوهم وفر محمد بن أبي عون فلحق بدواس وصولات والسحب ومعراق وأضرمت نارا ثم حدد بناءها دواس وأعاد محمد بن أبي عون إلى ولايتها فعادت أحسن ما كانت وأمراء تلمسان لذلك العهد ثم ولى على تاهرت أيام أبى القاسم بن عبد الله أيا ملك يغمراسن بن أبي سحمة وانتقض عليه البربر فحاصروه عند زحف ابن أبي العافية إلى المغرب الأوسط بدعوة المروانية وكان ممن أخذ بها محمد بن أبي عون صاحب وهران وأبو القاسم ميسور فولاه إلى المغرب وراجع طاعته إلى المروانية ثم كان شأن أبى يزيد وانتقاض سائر البرابرة على العبيديين واستفحل أمر زناتة وأخذ بدعوة المروانيين وكان الناصر عقد ليعلى بن أبي محمد النفزي على المغرب فخاطبه بمراوغة محمد بن ابن عون وقبائل أزداجة في الطاعة للعداوة بين القبيلتين بالمجاورة وزحف إلى أزداجة فحصرهم بجبل كيدرة ثم تغلب عليهم واستأصلهم وفرق جماعتهم وذلك لسنة ثلاث وأربعين وثلثمائة ثم زحف إلى وهران ونازلها ثم افتتحها عنوة وأضرمها نارا واستلحم أزداجة ولحق رياستهم بالأندلس فكانوا بها وكان منهم حزرون بن محمد من كبار أصحاب المنصور بن أبي عامر وابنه المظفر وأجاز إلى المغرب وبقي أزداجة بعد ذلك على حال من الهضيمة والمذلة وانتظموا في عداد الغارم من القبائل (وأما العجيسة) وهم من بطون البرانس من ولد عجيسة من برنس ومدلول هذا الاسم البطن فان البربر يسمون البطن بلغتهم عدس بالدال المشددة فلما عربتها العرب قلبت دالها جيما مخففة وكان لهم بين البربر كثرة وظهور وكانوا مجاورين في بطونهم لصنهاجة وبقاياهم لهذا العهد في ضواحي تونس والجبال المطلة على المسيلة وكانت منهم يسكنون جبل القلعة وكان لهم في فتنة أبى يزيد ولما هزمهم المنصور لجأ إليهم واعتصم بقلعة كتامة من حصونهم حتى اقتحم عليه ثم بادر حماد بن بلكين من بعد ذلك مكانا لبناء مدينة فاختطها بينهم ونزلها ووسع خطتها واستبحر عمرانها وكانت حاضرة لملك آل حماد فأخلفت هذه المدينة من مدة عجيسة لما تمرست بهم وخضدت من شوكتهم وراموا كيد القلعة مرارا وأجلبوا على ملوكها بالأعياص منهم فاستلحمهم السيف ثم هلكوا وهلكت القلعة من بعدهم وورثت مواطنهم بذلك الجبل عياض من أفاريق العرب الهلاليين وسعى الحمل منهم وفى القبائل بالمغرب كثير من عجيسة هؤلاء مفترقون فيهم والله أعلم {الخبر عن أوربا من بطون البرانس وما كان لهم من الردة والثورة وما صار لهم من الدعاء لإدريس الأكبر}
(١٤٥)