سوسة بالقيروان فآتاه طاعته وصار في جملته وجمع السلطان أبو حفص عمر جموعه واستركب واستلحق وأزاح العلل وخرج غرة شعبان وارتحل عن تونس وحاجبه أبو محمد بن تافراكين قد انذر منه بالهلكة واعتمل في أسباب النجاة حتى إذا تراءى الجمعان رجع الحاجب إلى تونس في بعض الشغل وركب الليل ناجيا إلى المغرب وبلغ خبر مفره إلى السلطان فأجفل واختل مصافه وأطلق أخاه أبا البقاء من معتقله ثم دخل إلى قصره لسبع ليال من ملكه وصبحه الأمير أبو حفص في ثامنها فاقتحم عليه البلد لضاغنة كانت له في قلوب الغوغاء من غشيانه نساءهم وطروقه منازلهم أيام جنون الشباب وقضاء لذاته في مرباه وفتك بأخيه الأمير أبى العباس ولسرعان ما نصب رأسه على القناة وداست شلوه هنا لك العسكر وأصبح آية للمعتبرين وثارت العامة بمن كان بالبلد من وجوه العرب ورجالاتهم فقتلوا في تلك الهيعة من كتب عليه القتل وتلوا كثيرا منهم إلى السلطان فاعتقلهم وقتل أبا الهون بن حمزة بن عمر من بينهم وتقبض على أخويه خالد وعزوز فأمر بقطعهم من خلاف فقطعوا وكان فيه مهلكهم واستوسق ملكه بالحضرة واستعمل على حجابتها أبا العباس أحمد بن علي بن زين من طبقة الكتاب وكان كاتبا للضحشى الحاجب وبعد للقائد ظافر الكبير واتصل السلطان أبو بكر لأول ملكه بالحضرة فأسف على ابن عمر بولاية ابن القالون الحاجب فخاطب السلطان فيه ونكبه ثم أطلق من محبسه ومضى إلى المغرب ونزل على السلطان ابن سعيد فأجمل نزله ثم رجع إلى الحضرة ولم يزل مشردا أيام السلطان كلها واستكتب الأمير أبو حفص ولده محمدا وكانت له به وصلة فلما استوسق له الملك بعد مفر أبى محمد بن تافراكين كما ذكرناه وولى أبا ه أبا العباس هذا على حجابته وعقد على حربه وعساكره لظافر مولى أبيه وجده المعروف بالسنان واستخلص لنجواه وسره كاتبه أبا عبد الله محمد بن الفضل ابن نوار من طبقة الفقهاء والقضاة من أهل البيوت النابهة بتونس كان له بها سلف مذكور واتصل بدار السلطان وارتسم بها مكتبا لولده وقرأ عليه هذا الأمير أبو حفص فيمن قرأ عليه منهم فكانت له من أجل ذلك يد ومزيد عناية ولما استبد بأمره كان هو مستبدا بشوراه وجرت الحال على ذلك إلى أن كان من أمره ما نذكر ان شاء الله تعالى والله تعالى أعلم {الخبر عن استيلاء السلطان أبى الحسن على إفريقية ومهلك الأمير أبى حفص وانتقال الأبناء من بجاية وقسنطينة إلى المغرب وما تخلل ذلك من الاحداث} كان السلطان أبو الحسن يحدث نفسه منذ ملك تلمسان وقبلها بملك إفريقية ويتربص بالسلطان أبى بكر ويسر له حسدا في ارتقاء فلما لحق به حاجبه أبو محمد بن تافراكين بعد
(٣٥٦)