جميعا فأبى من ذلك السلطان وأمره بملاطفتهم إلى أن مكنت بيعتهم ثم تتبع بالعقاب من تولى كبر ذلك منهم وانحسم الداء وكان ذلك في رمضان من سنة ثمان واستمر العرب في غلوائهم إلى أن هلك السلطان فكان ما يأتي ذكره ان شاء الله تعالى والله أعلم * (الخبر عن انتقاض أهل الجزائر واستبداد ابن علان بها) * قد قدمنا ما كان من انتقاض الجزائر أيام المستنصر ودخول عساكر الموحدين عليهم عنوة واعتقال مشيخته بتونس حتى أطلقوا بتونس بعد مهلكه ولما استقل الأمير أبو زكريا الأوسط بملك الثغور الغربية من بجاية وقسنطينة وكان الوالي على الجزائر ابن الحكم زمن الموحدين فبادر إلى طاعته باتفاق من مشيخة الجزائر ووفد عليه وكتب ابن الكجار بولايتها فلم يزل واليا عليهم إلى أن نشأت بنو مرين وزحفوا إلى بجاية وكان ابن الجكمار قد أسن وهرم فأدركته الوفاة خلال ذلك وكان ابن علان من مشيخة الجزائر مختصا به ومنتصرا بأوامره ونواهيه ومصدرا لامارته حصلت له بذلك الرياسة على أهل الجزائر سائر أيامه ويقال كان له معه صهر فلما وصل ابن الكجار حدثته نفسه بالاستبداد والانتزاء بالجزائر فبعث عن أهل الشوكة من بطوانة ليلة هلاك أميره وضرب أعناقهم وأصبح مناديا بالاستبداد والأمير أبو زكريا عنده لما كان من منازلة بنى مرين ببجاية إلى أن هلك وبقيت في انتقاضها على الموحدين آخر الدهر إلى أن تملكها بنو عبد الواد كما يذكر ان شاء الله تعالى * (الخبر عن مهلك الأمير أبى زكريا وبيعة ابنه الأمير أبى البقاء خالد) * كان الأمير أبو زكريا قد استولى على الثغور الغربية كما قلنا واقتطعها من أعمال الحضرة وقسم الدعوة الحفصية بدولتين وكان على غاية من الحزم والتيقظ والصرامة لم يبلغها سواه وكان كثير الاشراف على وطنه والمباشرة لاعماله بنفسه وسد خلله ولم يزل على ذلك إلى أن هلك على رأس المائة السابعة وكان قد عهد بالأمر لابنه الأمير أبى البقاء خالد سنة ثمان وتسعين وعقد له على قسنطينة وأنزله بها فلما هلك الأمير أبو زكريا جمع الحاجب أبو القاسم بن أبي حي مشيخة الموحدين وطبقات الجند وأخذ بيعتهم للأمير أبى البقاء وطير له بالخبر واستقدمه فقدم وبويع البيعة العامة وأبقى ابن أبي حي على حمايته واستوزر يحيى بن أبي الاعلام وقدم على صنهاجة أبا عبد الرحمن بن يعقوب بن حلوب منهم ويسمى المزدار وقلد رياسة الموحدين أبا زكريا يحيى بن زكريا من أهل البيت الحفصي واستمر الامر على ذلك إلى أن كان ما نذكره ان شاء الله تعالى * (الخبر عن سفارة القاضي الغيريني ومقتله) *
(٣١٥)