من العرب وسوء ملكتهم فزحف إليهم وأخرجهم من الاريس وفرض عليهم مالا يؤدونه إليه إلى أن مات وولى ابنه من بعده فجرى على سننه إلى أن دخل في طاعة عبد المؤمن سنة أربع وخمسين وخمسمائة والله مالك الملك لا رب غيره سبحانه اه {الخبر عن دولة آل حماد بالقلعة من ملوك صنهاجة الداعين لخلافة العبيديين وما كان لهم من الملك والسلطان بإفريقية والمغرب الأوسط إلى حين انقراضه بالموحدين} هذه الدولة شعبة من دولة آل زيرى وكان المنصور بلكين قد عقد لأخيه حماد على أشير والمسيلة وكان يتداولها مع أخيه يطوفت وعمه أبى البهار ثم استقل بها سنة سبع وثمانين أيام باديس من أخيه المنصور ودفعه لحرب زناتة سنة خمس وتسعين بالمغرب الأوسط من مغرواة وبنى يفرن وشرط له ولاية أشير والمغرب الأوسط وكل بلد يفتحه وأن لا يستقدمه فعظم عناؤه فيها وأثخن في زناتة وكان مظفرا عليهم واختط مدينة القلعة بجبل كتامة سنة ثمان وتسعين وهو جبل عجيسة وبه لهذا العهد قبائل عياض من عرب هلال ونقل إليها أهل المسيلة وأهل حمزة وخربهما ونقل جراوة من المغرب وأنزلهم بها وتم بناؤها وتمصرها على رأس المائة الرابعة وشيد من بنيانها وأسوارها واستكثر فيها من المساجد والفنادق فاستبحرت في العمارة واتسعت في التمدن ورحل إليها من الثغور والقاصية والبلد البعيد طلاب العلوم وأرباب الصنائع لنفاق أسواق المعارف والحرف والصنائع بها ولم يزل حماد أيام باديس هذا أميرا على الزاب والمغرب الأوسط ومتوليا حروب زناتة وكان نزوله ببلد أشير والقلعة مناقما لملوك زناتة وأجيالهم البادية بضواحي تلمسان وتاهرت وحاربه بنو زيرى عند خروجهم على باديس سني تسعين وثلثمائة وهم راوي وماسكن وإخوانهما فقتل ما سكن وابناه وألجأ راوي واخوته إلى جبل شنوه وأجازهم البحر إلى الأندلس ثم إن بطانة باديس ومن إليه من الاعجام والقرابة نفسوا على حماد رتبته وسعوا في مكانه من باديس إلى أن فسد ذات بينهما وطلب باديس أن يسلم عمل يتحست وقسنطينة لولده المعز لما قلده الحاكم ولاية عهد ابنه فأبى حماد وخالف دعوة باديس وقتل الرافضة وأظهر السنة ورضى عن الشيخين ونبذ طاعة العبيديين جملة وراجع دعوة آل العباس وذلك سنة خمس وأربعمائة وزحف إلى باجة فدخلها بالسيف ودس إلى أهل تونس الثورة على المشارقة والرافضة فبادوا لهم فناصبه باديس الحرب وعبى عساكره من القيروان وخرج الفيئة فنزع عن حماد أكثر أصحابه مثل بنى أبى واليل أصحاب معرة من زناتة وبنى حسن كبار صنهاجة وبنى يطوفت من زناتة وبنى عمرة أيضا منهم وفر حماد وملك باديس
(١٧١)